الأُصول الجهتية لا وجه للتفصيل بين الصورتين ، فلاحظ وتدبّر.
ثمّ إنّه يبقى إشكال آخر على التقريب المزبور ، وهو أنّه بعد فرض عدم إمكان إجراء أصالة الظهور في ناحية العموم للعلم بأنّها على خلاف الواقع إمّا للتخصيص أو للنسخ ، يكون المرجع هو أصالة عدم النسخ ، ولكن ماذا يترتّب على هذا الأصل ، هل يحكم بالتخصيص ليكون من باب كون نفي أحد الضدّين بالأصل موجباً لإثبات الآخر ، أو أنّه لا يترتّب عليه سوى لزوم العمل بالخاصّ وإن لم نثبت أنّه مخصّص للعام ، فيتوجّه حينئذ أنّ العمل بالخاصّ يجتمع مع كونه ناسخاً ، فلا فائدة في أصالة عدم النسخ ، فراجع وتأمّل ، بل لا محصّل لعدم النسخ فيما يأتي من الأعمال ، للعلم بأنّ ذلك الخاصّ غير محكوم فيما يأتي بحكم ذلك العام ، أمّا ما مضى من الأعمال فلا محصّل فيها أيضاً لأصالة عدم النسخ بالنسبة إليها ، للعلم بأنّ حكم العام لم ينسخ عن هذا الخاصّ فيما مضى ، وإنّما نحتمل طروّ النسخ فيما يأتي ، أمّا ما مضى فلا نحتمل فيه إلاّ التخصيص ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : ولذلك أُورد على الشيخ قدسسره من قوله بتقديم التخصيص على النسخ (١) مع التزامه بتقديم تقييد الاطلاق على تخصيص العام (٢) ـ (٣).
المورد هو المحقّق صاحب الكفاية قدسسره ، فإنّه قال في هذه المسألة : ولا يخفى أنّ دلالة الخاصّ أو العام على الاستمرار والدوام إنّما هو بالاطلاق لا بالوضع ، فعلى الوجه العقلي في تقديم التقييد على التخصيص كان اللازم في هذا
__________________
(١) مطارح الأنظار ٢ : ٢٣١ / الرابعة ، فرائد الأُصول ٤ : ٩٣ ـ ٩٤.
(٢) فرائد الأُصول ٤ : ٩٧ وما بعدها.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٧٣٨.