ولا مانع من كونه مقدّماً على العام في ذلك المورد ، كما هو قضية تقدّم الخاصّ الأوّل عليه في كلّ ما يؤكل طيراً كان أو غيره.
ولعلّ ذلك هو المراد ممّا أفاده الشيخ قدسسره بقوله في كتاب الطهارة بعد أن ذكر التعارض المذكور : فلابدّ من الحكم بإجمال العامين بالنسبة إلى محل التعارض ، فيجب الرجوع إلى الأصل إن لم يوجد هنا عموم يدلّ على نجاسة البول والخرء بقول مطلق ، وإلاّ فيجب الرجوع إليه. ولا يتوهّم أنّ مثل هذا العام بعد تخصيصه بما دلّ على طهارة بول المأكول يصير كصحيحة ابن سنان معارضاً مع رواية أبي بصير بالعموم من وجه ، لكن الإشكال في ثبوت هذا العام ، لما عرفت من قوّة انصراف مطلقات البول والعذرة إلى غير محلّ الكلام ، فالمسألة لا تخلو عن الإشكال ، إلاّ أنّ العمل على المشهور لموثّقة عمّار الآتية « خرء الخطّاف لا بأس به » (١) الخ (٢) ، فإنّ هذا التوهّم مبني على انقلاب النسبة ، وقد عرفت الوجه في عدم انقلابها ، فإنّ الخاصّ الأوّل وإن خصّص العام إلاّ أنّ العام يبقى على حجّيته في قبال مورد الخاصّ الثاني ، فإن تمكّن الخاصّ الثاني من تخصيص ذلك العام كما إذا لم يكن له معارض فيه حكمنا بكونهما معاً مخصّصين لذلك العام تخصيصاً واحداً ، أمّا إذا لم يتمكّن الخاصّ الثاني من تخصيص ذلك العام لوجود المعارض له في مورد التخصيص ، كان ذلك الخاصّ الثاني بالنسبة إلى ذلك المورد بحكم المعدوم ، فلا يبقى مانع للعام عن شموله لذلك المورد وحجّيته فيه.
لا يقال : إنّ العام بعد تخصيصه بالخاصّ الأوّل وإن بقي على شموله لمورد المعارضة أعني بول الطائر غير المأكول ، إلاّ أنّ ذلك لا ينافي انقلاب النسبة بينه
__________________
(١) يأتي مصدراها في الصفحة : ٨٨.
(٢) كتاب الطهارة ٥ : ٢٨ ـ ٢٩.