وبين الخاصّ الثاني الناشئ عن تخصيصه بالخاصّ الأوّل ، وحينئذ تقع المعارضة بين العام والخاصّ الثاني ، ويكون هذا العام ـ وهو « اغسله مرّتين » ـ في صفّ معارض الخاصّ الثاني وهو « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١).
لأنّا نقول : لا يعقل تجدّد المعارضة بين العام والخاصّ الثاني وإن انقلبت النسبة بينهما بعد تخصيصه بالخاصّ الأوّل ، والسرّ في ذلك هو أنّ هذه الأدلّة الأربعة يقع التقابل بينها في درجة واحدة ، فالخاصّ الأوّل يخصّص العام في رتبة التعارض بين الخاصّ الثاني ومعارضه ، والأوّل ـ أعني التخصيص ـ علّة لانقلاب النسبة ، والثاني ـ أعني التعارض ـ علّة لسقوط الخاصّ الثاني عن الحجّية في مورد المعارضة الذي هو بول الطائر غير المأكول ، فكان انقلاب النسبة في مرتبة سقوط الخاصّ الثاني عن الحجّية في مورد المعارضة ، فلا يعقل أن يكون هذا الانقلاب علّة للتعارض بين العام والخاصّ الثاني ، لأنّ هذا الانقلاب وقع في مرتبة سقوط الثاني عن الحجّية ، فكيف يعقل أن يكون مولّداً للمعارضة بين العام والخاصّ الثاني ، وما ذلك إلاّمن قبيل المعارضة بين ما هو حجّة بالفعل وما هو ساقط الحجّية فعلاً ، فلاحظ وتأمّل.
والفرق بين هذه الروايات وبين ما يأتي في الصورة الرابعة فيما لو كان هناك عام كأكرم العلماء وما هو أخصّ منه كلا تكرم فسّاقهم وما هو أعمّ من وجه من
__________________
(١) العام الأوّل صحيح ابن مسلم « عن البول يصيب الثوب ، قال عليهالسلام : اغسله مرّتين ».
أحد الخاصّين صحيح زرارة « لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه ».
الخاصّ الآخر صحيح أبي بصير « كلّ شيء يطير لا بأس ببوله وخرئه ».
المعارض للخاصّ الآخر صحيح ابن سنان « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » [ منه قدسسره ].