ذلك العام كقوله : يستحبّ إكرام العدول ، حيث إنّه بعد تخصيص العام الأوّل بالخاصّ المذكور تنقلب النسبة بينه وبين العام الثاني من العموم من وجه إلى العموم والخصوص المطلق ، هو أنّ الخاصّ في تلك المسألة مع العام الآخر كلاهما مقابلان للعام الأوّل مخالفان له في الحكم ، وإصلاح عملية التخصيص سابقة في الرتبة على إصلاح عملية تعارض العموم من وجه ، فأوّلاً يخصّص العام الأوّل بالخاصّ ، ثمّ ينظر النسبة بينه وبين العام الثاني ، وحينئذ تكون النسبة هي العموم المطلق.
وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ العام الأوّل وهو ما دلّ على نجاسة البول يكون في قباله الخاصّ الأوّل والخاصّ الثاني ، وحيث إنّ الخاصّ الثاني مبتلى بالمعارض يكون عاجزاً عن تخصيص العام ، فينحصر التخصيص بالخاصّ الأوّل ، وتقع المعارضة بين الخاصّ الثاني ومعارضه ، وبعد التساقط يكون المرجع في مورد المعارضة هو العام ، فما نحن فيه وإن اشتمل على تعارض العموم من وجه ، إلاّ أنّه بين الخاصّين لا بين العام ودليل آخر كما في المسألة الآتية ، فلاحظ وتأمّل.
وأمّا دعوى ترجيح رواية أبي بصير على رواية ابن سنان ، بأنّه لو قدّمت الثانية على الأُولى لبقيت الرواية الأُولى مختصّة بخصوص الطير المأكول ، وبوله نادر ، بل يمكن ادّعاء عدم تحقّقه ، هذا. مضافاً إلى ظهورها في كون الطيران علّة في عدم البأس ، بحيث ينافيه تقيّده بكونه مأكولاً باخراج غير المأكول منه.
فيمكن الجواب عنها بأنّه لا مانع من أن يقول : الطير المأكول لا بأس ببوله وخرئه ، ولا ينافيه ندرة بوله ، فإنّ الندرة متحقّقة في المأكول منه وغير المأكول. وبالجملة : أنّ ضمّ الخرء إلى البول يخرج المسألة عن الندرة والاستهجان.