وأمّا دعوى علّية الطيران فيمكن معارضتها بعلّية عدم المأكولية ، فإنّ الظاهر أنّ عدم المأكولية علّة في النجاسة بحيث ينافيه تقييدها بعدم الطيران باخراج الطائر منه ، فلاحظ وتأمّل.
قال الشيخ قدسسره في كتاب الطهارة : والنسبة بينها (١) وبين صحيحة ابن سنان عموم من وجه ، إلاّ أنّ رجحان الثاني ممّا لا يخفى ، لأنّ ظاهر الصحيحة بيان كون نفس الطيران عنواناً أخصّ من حرمة اللحم (٢).
وقال العلاّمة الخراساني قدسسره في شرح التبصرة : والنسبة بينهما وبين صحيحة أو حسنة ابن سنان المتقدّمة وإن كانت عموماً من وجه ، إلاّ أنّ شمولهما لما لا يؤكل ( لحمه ) من الطير أظهر من شموله له كما لا يخفى ، فيخصّص بهما (٣).
ومرادهما أنّا لو أخرجنا الصقر مثلاً عن صحيحة أبي بصير وأدخلناه في رواية ابن سنان ، لم يبق تحت رواية أبي بصير إلاّمثل الحمامة المأكولة اللحم ، وتكون العلّة في طهارة خرئها وبولها هو كونها مأكولة اللحم لا كونها طائرة ، وهو خلاف ظاهر التعليل بالطيران.
ولا يرد عليها العكس الذي أشرنا إليه ، بدعوى أنّ رواية ابن سنان ظاهرة في كون العلّة في النجاسة هي عدم الأكل ، ولو أخرجنا منها الصقر وأمثاله من الطيور المحرّمة وأبقينا تحتها خصوص المحرّمات الأرضية ، لم تكن العلّة في النجاسة فيها هي عدم الأكل فقط ، بل هي مع قيد عدم الطيران.
__________________
(١) [ في المصدر « بينهما » ، ولكنّ المصنّف رحمهالله أفرد الضمير لتركه مصحّحة علي بن جعفر عليهالسلام الموافقة لرواية أبي بصير ].
(٢) كتاب الطهارة ٥ : ٢٨.
(٣) اللمعات النيّرة : ٢٠٤ ـ ٢٠٥.