ومن جملتهم طائفة من الرافظة يقولون : ان علي بن ابي طالب مستقر في السحاب ، فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء اخرج مع فلان ، ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : « حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحاً » يريد الكفار ، نحمد الله على الهداية والايمان (١) انتهى.
وهذا منهم افتراء وبهتان عظيم على الرافضة ، فانهم وان قالوا برجعته ـ عليه السلام ـ ولكن لم يقل به احد منهم بحياته واستقراره في السحاب ، بل القول بحياته قول طائفة من الغلاة ليس الا.
اقول : وفيما ذكره الكشاف نظر ؛ اذ غاية ما دلت عليه الآية ان القرون الهالكة الخالية لا يرجعون بصورهم الاصلية الى العباد المستهزئين للرسل مدة حياتهم.
وأما أنهم لا يرجعون ابداً لا اليهم ولا الى غيرهم ، او ان غير هؤلاء الهالكين لا يرجع قبل يوم القيامة الى الدنيا بصورته التي كان عليها ، فلا دلالة لها عليه بشيء من الدلالات.
ثم أية منافاة بين رجوع علي ـ عليه السلام ـ الى الدنيا ، وبين نكاح نسائه وقسمة ميراثه ؛ اذا كان ذلك جائزاً في الشرع.
فما حكاه عن ابن عباس انه قيل له : ان قوماً يزعمون ان علياً ـ عليه السلام ـ مبعوث قبل يوم القيامة ، فقال : بئس القوم نحن ، ان نكحنا نساؤه وقسمنا ميراثه (٢).
فمع انه فرية لا مرية فيها لا يدل على عدم الجواز ، فان كثيرا من القرون الماضية وغيرهم ماتوا ونكح نساؤهم وقسم اموالهم ، ثم رجعوا الى الدنيا وعاشوا
____________
(١) نهاية ابن الاثير : ٢ / ٢٠٢.
(٢) الكشاف : ٣ / ٣٢١.