وليه ، وليعاد عدوه ، وليسلم للاوصياء من بعده (١).
فأمر اولاً بمحبته ، ثم بمحبة من يحبه وعداوة من يعاديه ، اذ بذلك تتم المحبة وتخلص المودة ، ولعله لذلك قدم هاتين الفقرتين على التسليم للاوصياء.
وفي ذلك تنبيه على ان محبتهم الواجبة التي امر الله بها وجعلها اجر الرسالة هي هذه ، فكما تجب على كافة البرايا محبتهم تجب عليهم محبة اوليائهم وعداوة اعدائهم ، كما وردت به روايات كثيرة.
وبالجملة لا تتم المحبة والمودة الا باستجماع مراتب الصداقة ، والاجتناب عما يوجب العداوة.
واعلم ان المحبة على ضربين : ما ركز في الطبع من الميل الجبلي الى مشتهيات النفس الامارة بالسوء ، وما جبل عليه العقل ونشأ من الايمان والاعتقاد ، ومن حب الله ورسله وملائكته واوليائه ، الى غير ذلك من مقتضيات النفس المطمئنة التي فطر الناس عليها.
واليه يشير قوله تعالى « ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم » (٢) وهذه المحبة كما انها ناشئة عن الايمان ، داعية الى الاستسلام والانقياد ، وهذا هو المراد بمحبة آل محمد ـ عليهم السلام.
ومنه يظهر سر ايجاب محبتهم ومودتهم ، فانها تدعو الى التسليم ، وهو الى الصراط المستقيم ، الموصل الى جنات النعيم.
وسر جعلها اجر الرسالة والنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يقبل اجراً على رسالته ، هو ان فائدة هذا الاجر وثمرته تعود الى الامة ، فالله سبحانه لما علم من اهتمامه ـ صلى الله عليه وآله ـ بأمر امته ورأفته ورحمته بهم ، حتى كادت نفسه النفيسة وروحه الشريفة ان تذهب حسرات عليهم ، جعل ما يرجع نفعه اليهم
____________
(١) المناقب للخوارزمي : ٤٤ ط تبريز ، وكنز العمال : ١٢ / ١٠٣.
(٢) الحجرات : ٧.