ولكن تلك الليلة الواحدة بناءً على ما ثبت من كرية الارض وعليه فقهاؤنا ، تتعدد في سنة واحدة بتعدد البلدان والبقاع شرقية وغربية ، كما ان رؤية الهلال والعيد وغير ذلك ايضا كذلك.
لذلك قال الفاضل العلامة في التذكرة : ان الارض كرة ، فجاز ان يرى الهلال في بلد ولا يظهر في آخر ، لان حدبة الارض مانعة لرؤيته ، وقد رصد ذلك اهل المعرفة وشوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب الغربية لمن جد في السير نحو المشرق وبالعكس.
اقول : فيختلف بذلك ـ اي : باختلاف البلدان في طلوع الكواكب وغروبها ـ ليلة القدر فيها ، فرب بلدة تكون ليلة القدر فيها مثلاً ليلة الجمعة ، وهي في بلد آخر انما تكون في ليلة الخميس وهكذا.
وتكون كل ليلة من تلك الليالي ليلة القدر شرعاً ، ويكون العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وانواع الخير في تلك البقاع خيراً من العمل في الف شهر ليس فيها ليلة القدر.
الى غير ذلك من احكام تلك الليلة المباركة ، فمن احياها في اية بقعة من تلك البقاع وعمل فيها اعمالها ، فقد ادركها وفاز بما وعده الشارع.
ويمكن ان يتفق لشخص ان يدركها في سنة واحدة في بقعتين او اكثر ويفوز بثوابها ، وذلك مثل العيد ، فانه ايضا يتعدد بتعدد البلدان شرقاً وغرباً ، ويكون كل عيد من تلك الاعياد عيداً شرعياً ، يترتب على الاعمال الواقعة فيها ليلاً ونهاراً ثوابها.
وبالجملة ليلة القدر النازل فيها الملائكة على الامام ـ عليه السلام ـ في ارض هو فيها ، وان كانت في كل سنة واحدة بالعدد ، الا ان ليلة القدر التي يكون العمل الصالح فيها خيراً من العمل في الف شهر بالنظر الى سكان تلك البقاع الشرقية والغربية متعددة بتعدد تلك البقاع التي يرى الهلال في بعضها دون بعض.