(سورة النساء مدنية وهي مائة وست وسبعون آية )
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ـ ١. )
(بيان)
غرض السورة كما يلوح إليه هذا الصدر بيان أحكام الزواج كعدد الزوجات ومحرمات النكاح وغير ذلك ، وأحكام المواريث ، وفيها أمور أخرى من أحكام الصلاة والجهاد والشهادات والتجارة وغيرها ، وتعرض لحال أهل الكتاب.
ومضامين آياتها تشهد أنها مدنية نزلت بعد الهجرة ، وظاهرها أنها نزلت نجوما لا دفعة واحدة وإن كانت أغلب آياتها غير فاقدة للارتباط فيما بينها.
وأما هذه الآية في نفسها فهي وعدة من الآيات التالية لها المتعرضة لحال اليتامى والنساء كالتوطئة لما سيبين من أمر المواريث والمحارم وأما عدد الزوجات الواقعة في الآية الثالثة فإنه وإن كان من مهمات السورة إلا أنه ذكر في صورة التطفل بالاستفادة من الكلام المقدمي الذي وقع في الآية كما سيجيء بيانه.
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ » إلى قوله : « وَنِساءً » يريد دعوتهم إلى تقوى ربهم في أمر أنفسهم وهم ناس متحدون في الحقيقة الإنسانية من غير اختلاف فيها بين الرجل منهم والمرأة والصغير والكبير والعاجز والقوي حتى لا يجحف الرجل منهم بالمرأة ولا يظلم كبيرهم الصغير في مجتمعهم الذي هداهم الله إليه لتتميم سعادتهم والأحكام والقوانين المعمولة بينهم التي ألهمهم إياها لتسهيل طريق حياتهم ، وحفظ