لنفوسهم وقلوبهم بالإيمان لأن الكلام فيه ، قال تعالى : ( يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ) الآية : « إبراهيم : ٢٧ ».
قوله تعالى : « وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً » أي حين تثبتوا بالإيمان الثابت ، والكلام في إبهام قوله : « أَجْراً عَظِيماً » كالكلام في إطلاق قوله : « لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ».
قوله تعالى : « وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً » قد مضى الكلام في معنى الصراط المستقيم في ذيل قوله : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) : « الحمد : ٦ » في الجزء الأول من الكتاب.
قوله تعالى : « وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ » إلى قوله : « حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » جمع بين الله والرسول في هذا الوعد الحسن مع كون الآيات السابقة متعرضة لإطاعة الرسول والتسليم لحكمه وقضائه ، لتخلل ذكره تعالى بينها في قوله : ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ ) « إلخ » فالطاعة المفترضة طاعته تعالى وطاعة رسوله ، وقد بدأ الكلام على هذا النحو في قوله : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) الآية.
وقوله : ( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) ، يدل على اللحوق دون الصيرورة فهؤلاء ملحقون بجماعة المنعم عليهم ، وهم أصحاب الصراط المستقيم الذي لم ينسب في كلامه تعالى إلى غيره إلا إلى هذه الجماعة في قوله تعالى : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) : « الحمد : ٧ » ، وبالجملة فهم ملحقون بهم غير صائرين منهم كما لا يخلو قوله : « وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » من تلويح إليه ، وقد تقدم أن المراد بهذه النعمة هي الولاية.
وأما هؤلاء الطوائف الأربع أعني النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فالنبيون هم أصحاب الوحي الذين عندهم نبأ الغيب ، ولا خبرة لنا من حالهم بأزيد من ذلك إلا من حيث الآثار ، وقد تقدم أن المراد بالشهداء شهداء الأعمال فيما يطلق من لفظ الشهيد في القرآن دون المستشهدين في معركة القتال ، وأن المراد بالصالحين هم أهل اللياقة بنعم الله.
وأما الصديقون فالذي يدل عليه لفظه هو أنه مبالغة من الصدق ، ومن الصدق ما هو في القول ، ومنه ما هو في الفعل ، وصدق الفعل هو مطابقته للقول لأنه حاك عن الاعتقاد فإذا صدق في حكايته كان حاكيا لما في الضمير من غير تخلف ، وصدق القول مطابقته لما في الواقع ، وحيث كان القول نفسه من الفعل بوجه كان الصادق في فعله لا يخبر إلا عما يعلم صدقه وأنه حق ، ففي قوله الصدق الخبري والمخبري جميعا.