تؤيد ما تقدم أن المراد بقوله : ( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) ، اختيارهم الفداء من أسرى يوم بدر ، وشرطهم على أنفسهم لله ما شرطوا فإصابة هذه المصيبة بإذن الله ، وأما الوجه الأول المذكور وهو أن المعنى أن سبب إصابة المصيبة القريب هو مخالفتكم فلا تلاؤم ظاهرا بينه وبين نسبة المصيبة إلى إذن الله وهو ظاهر.
فعلى ما ذكرنا يكون ذكر استناد إصابة المصيبة إلى إذن الله بمنزلة البيان لقوله : ( هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) ، وليكون توطئة لانضمام قوله : ( وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وبانضمامه يتمهد الطريق للتعرض لحال المنافقين وما تكلموا به وجوابه وبيان حقيقة هذا الموت الذي هو القتل في سبيل الله.
وقوله : أو ادفعوا أي لو لم تقاتلوا في سبيل الله فادفعوا عن حريمكم وأنفسكم وقوله : هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان ، اللام بمعنى إلى فهذا حالهم بالنسبة إلى الكفر الصريح ، وأما النفاق فقد واقعوه بفعلهم ذلك.
وقوله : « يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ » ، ذكر الأفواه للتأكيد وللتقابل بينها وبين القلوب.
قوله تعالى : « الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا » ، المراد بإخوانهم إخوانهم في النسب وهم القتلى ، وإنما ذكر إخوتهم لهم ليكون مع انضمام قوله : وقعدوا أوقع تعيير وتأنيب عليهم فإنهم قعدوا عن إمداد إخوانهم حتى أصابهم ما أصابهم من القتل الذريع ، وقوله : قل فادرءوا جواب عن قولهم ذاك ، والدرء : الدفع.
قوله تعالى : « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً » الآية ، وفي الآية التفات عن خطاب المؤمنين إلى خطاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والوجه فيه ما تكرر ذكره في تضاعيف هذه الآيات ، ويحتمل أن يكون الخطاب تتمة الخطاب في قوله : ( قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ).
والمراد بالموت بطلان الشعور والفعل ، ولذا ذكرهما في قوله : ( بَلْ أَحْياءٌ ) « إلخ » حيث ذكر الارتزاق وهو فعل ، والفرح الاستبشار ومعهما شعور.
قوله تعالى : ( فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ ) الآية ، الفرح ضد الحزن و، البشارة والبشرى ما يسرك من الخبر والاستبشار طلب السرور بالبشرى ، والمعنى : أنهم فرحون بما