نلتمس مفهوماً يشرف بنا علي حدود الدعاء.
ومن هذا السبيل عرف الدعاء بأنّه « الرغبة إلي الله تعالي فيما عنده من الخير والابتهال إليه بالسؤال » (١) فالرغبة بالسؤال بمعني التوجّه والطلب وهوكذلك « صلة روحية بين العبد وبارئه » (٢).
وصلة كهذه لا تحدها المسافة ولا يقيّدها زمن فهي حاضرة في كل وقت حاضرة في نفس الإنسان وبين جنبيه فأيّ صلة تكون أقرب لنا من حبل الوريد قال تعالي : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) (٣).
ولكن النفس تأبي إلاّ أن تترجم هذه المشاعر فتكون «رجوات قلب وهمسات فؤاد ونبضات وجدان وترنيمات عابد» ٤).
وما دام الدعاء حالة إنسانية تجسّد واقعاً نفسيّاً بين العبد وخالقه تتعلّق بعواطف الإنسان وحاجاته فقد الختلف الدراسون ـ وهم كثر ـ في تصوره وتعريفه إلاّ أن تصوراتهم جرت في تيار واحد مثّلث استجابة الإنسان بفطرته لنداء ربّه فهو «شعور القلب بالحاجةإلي عناية الله تعالي فيما يطلب وصدق التوجّه فيما يرغب» (٥) ويعرّف بعضهم الدعاء بأنّه « ترنيمة المؤمن وغذاؤه الروحي الذي يربطه بالحياة في كل آن بل إن الدعاء هو فريضة المؤمن الممزوجة بكلّ ألوان
__________________
(١) تاج العروس : مادة (دعو) ظ : القاموس : مادة (دعو).
(٢) الأمثال في القرآن / محمود بن الشريف : ٩٥.
(٢) سورة ق : ٥٠ / ١٦.
(٤) الدعاء في القرآن / محمود بن شريف : ٧.
(٥) تفسير المنار / محمد رشيد رضا١٤ : ٢.