عزّوجلّ » (١) والحمد المتعارف بين الناس هو قبل شكر الخالق عن طريق خلقه لأنّ الحمد في حقيقة يطلق ويراد به النعم الأوّل والآخر جلّ وعلا.
ومن ألطف اللطائف القرآنية بدء القرآن بالحمد ولم يبدأ بكلمة التوحيد ـ لاإله إلاّ الله ـ مثلاً لأنّ في قولنا ( الحمد لله ربّ العالمين ) (٢) « توحيد وحمد وفي قول لا إله إلاّ الله توحيد فقط » (٣) وفيه أيضاً إقرار بالوحدانية وعرفان بالنعمة الأبدية التي لا تنفد. وفي دعاء الحمد شمول للمحامد كلها وشمول للأوقات أجمعها.
أما شموله للمحامد كلها فبد لالة دخول الألف واللاّم « الاستغراق الجنسي من المحامد » (٤) ولأنّ في اتصالها في الحمد « معنى لا يؤديه قول القائل حمداً بإسقاط الألف ، ولذك أن دخولها منبئ عن أن معناه جميع المحامد والشكر الكامل لله ، ولو أسقطنا عنه لما دلّ إلاّ على أن حمد قائل ذلك دون المحمد كلها » (٥).
ويعلل هذا القول مجيء أكثر مواضع الحمد بالألف واللاّم إذ جاء في ثمانية وعشرين موضعاً.
أما شموله الأوقات كلها ، ففي الحمد « تعلّق بالماضي ، وتعلّق بالمستقبل. أما تعلّقه بالماضي : فهو أن يقع شكراً على النعم المقدمة وأما تعلقه
__________________
(١) التطور الدلالي : ٣٠٧.
(٢) سورة الفاتحة : ½.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٣٢ : ١.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٣٤ : ١.
(٥) الإسلام ومشكلات الفكر / فتحي رضوان : ٦٨.