عن الأمر وهو ما أفصح عنه الفراء في حديثه عن جواب الدعاء إذ يقول : « وليس الجواب سهل في الدعاء لأنّه ليس بشرط » (١) أي ليس سهلاً ارتباط الشرط بجوابه في الدعاء فإذا لم يرتبط فعل جواب الدعاء بما قبله ( فعل الدعاء ) ارتباط جملة الشرط ( فعلاً وجواباً ) لا يصح أن نقول بأنّه شرط مقدّر لأنّ تقديره ـ أي الشرط ـ متعلق بصلاحية ما بعده لأن يكون شراطاً فإذا انتفي الشرط لم يجز جزم فعل جواب الدعاء باعتباره جواب الطلب (٢).
ومثاله قوله تعالى على لسان موسى : ( وأخي هارون هو أفصح منّي لساناً فأرسله معي ردءاً يصدّقني ) (٣) فقد رفع فعل الجواب ( يصدّقني ) « ولم يجزم لأنّه ليس على إرادة معنى الشرط إذ ليس معناة : (إن ترسله يصدقني) ولذا ارتفع ولو أراد معنى الشرط لجزم » (٤) ونظير ذلك قوله تعلى : ( ... فهب لي من لدنك وليّاً يرثني ... ) (٥) حيث اختلف في قراءة هذه الآية والتي قبلها بين رفع جوابهما وجزمه (٦).
لذلك فمن رفع فعل الجواب (يرثني) لم يرد الشرط ومن جزمه فعلى مجاز الشريطة والمجازاة كقولك : « فإنك إن وهبته لي
__________________
(١) معاني القرآن / الفراء ٤٧٨ : ١.
(٢) ظ : حاشية الدسوقي على المختصر : شروح التلخيص ٣٢٧ : ٢ معاني النحو ٣٩٨ : ٤.
(٣) سروة القصص : ٢٨ / ٣٤.
(٤) معاني النحو ٣٩٢ : ٤.
(٥) سروة مريم : ١٩ / ٤ و ٥.
(٦) ظ : مجمع البيان ١١ :`٤ ، ٢٩١ : ٥ والكشاف ٤ : ٣ ، ٤٠٩ : ٣ الإشارات والتنبيهات في علم البلاغة للجرجاني ( ت / ٧٢٩ه ) : ١١٩.