( سلّمكم الله سلاماً ) ثم حذف الفعل لكثرة الاستعمال فبقي المصدر منصوباً وكان النصب والفعل على الحدوث فلما قصدوا دوام ننزول « سلام الله » عليه واستمراه أزالوا النصب الدال على الحدوث فرفعوا « سلام » (١) أي حينما أرادوا ثبات السلام واستقراره نقلوا إلى الرفع أو « الاسمية » أما إذ نصبوه فقد اختار واللحدوث والتجدد هذا من جهة ومن جهة أخرى أنّهم جوّز وا الابتداء بالنكرة ـ ضمن شروط عدّة منها ـ إذا كان فيها معنى الدعاء والابتداء لابدّ فيه من الرفع جاء في إعراب القرآن في تعليقه على قوله جلّ وعلا : ( وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً ) (٢) سلام « رفع بالابتداء وحسن الابتداء بالنكرة لأن فيها معنى الدعاء » (٣) ولعل الذي جعل النحاة يجوزون الابتداء بالنكرة إذا كان فيها معنى الدعاء هو « أنّها ليست أخباراً في المعنى إنّما هي دعاء أو مساءلة فهي في معنى الفعل كما لو كانت منصوبة » (٤) ورفض ابن القيم ما أجمع عليه النحاة من جواز الابتداء بالنكرة إذ كان فيها معنى الدعاء وقال « وهذا كلام لا حقيقة تحته » (٥) والمانع لديه من الابتداء بها هو ما فيها « من الشياع الإبهام الذي يمنع من تحصيلها عند المخاطب في ذهنه » (٦) وليس ذلك حجة ـ في رأي البحث ـ في منع الابتداء بالنكرة لأنّ الابتداؤ بها
__________________
(١) شرح الكافية ٩٦ : ١ ـ ٩٧.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ١٥.
(٣) إعراب القرآن / النحاس ٢٠٧ : ٢ ظ : البيان في غريب إعراب القرآن ٣٠٦ : ٢.
(٤) شرح المفصل ٨٧ : ١.
(٥) بدائع الفوائد ١٤٧ : ٢.
(٦) بدائع الفوائد ١٤٧ : ٢.