الكريم يقول الأخفش في قوله تعالى : ( فويل للّذين يكتبون الكتاب بأيديهم ... ) (١) « يجوز النصب على إضمار فعل أي : الزمه اللّهمّ ويلاً » (٢).
وخلاصة القول في الغاية من نصب المصادر مرة ورفعها بالابتداء مرة أخرى هي أن من يعمد إلى الرفع فكأنه يبتدئ بشيء قد ثبت واستقرلديه ولا يقصد تأكيده وإثباته في كلامه وكل ذلك راجع على دلالة الرفع في الثبات ودلالة النصب إلى الحدوث والتجدّد (٣). ومن المصادر التي جاءت منصوبة بفعل مضمر غير مستعمل لغرض الدعاء قوله تعالى : ( ... وقيل بعداً للقوم الظّالميين ) (٤) جاء في الكتاب « وإنما ينتصب هذا وما أشبهه إذا ذكر مذكور فدعوت له أو عليه على إضمار الفعل » (٥) فتقدير الفعل في (بعداً) ابعدوا بعداً وهو « بمنزلة اللعن الذي هو التبعيد من الخير والله تعالى ذكر ذلك على وجه الاستخفاف والإهانة لهم ـ وقد نزل بهم العذاب ـ دالّاً بذلك على الذي ينزل بهم في الآخرة من البعد من النعيم والثواب أعظم » (٦) واستخدام المصدر في السياق الدعائي في القرآن الكريم فيه من البلاغة ما ليس في استعمال لام الدعاء مع الفعل كقولنا : « ليبعدوا » لأن المصدر هنا جاء « طلباً للتأكيد مع الاختصار وهو
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٧٩.
(٢) إعراب القرآن / النحاس ١٩٠ : ١.
(٣) ظ : الكتاب ٣٣٠ : ١ شرح المفصل ١٢٢ : ١.
(٤) سورة هود : ١١ / ٤٤.
(٥) الكتاب ٣١٢ : ١.
(٦) مفاتيح الغيب ٩٩ : ٢٣.