نزول ( بعداً ) منزلة ( ليبعدوا بعداً ) مع فائدة أخرى وهو استعمال اللام لعد الدال ( بعداً للقوم الظّالمين ) على معنى أن البعد حقّ لهم » (١) فضلاً عن ذلك فإن استخدام المصدر المجرّد عن الزمن أبلغ من استخدام الفعل نفسه وهو ما أشرنا إليه سابقاً لذلك قوله تعالى : ( بعداً ) « لو وجهه بالفعل كان مقيّداً بالزمان وهوم إذا كان موجّهاً بالمصدر كان مطلقاً من غير زمن فلهذا كان أبلغ من ذكر الفعل » (٢). ومن الألفاظ الأخرى التي جاءت منصوبة على المصدر بفعل مضمر قوله تعالى : ( ... فتعساًلهم ... ) (٣) وقوله عزّ من قائل : ( ... فسحقاًلهم ) (٤). والمصدران « تعساً وسحقاً » وحيدا الصيغة في الاستعمال القرآني. و ( تعساً ) نصب بتقدير فعل من لفظه : أتعسهم الله تعساً (٥) ويضع القرطبي في معنى « تعساً » عشرة أقوال كلها مصادر منصوبة واقعة موقع فعلها أفادت الدعاء (٦). أمّا قوله : ( فسحقاً ) فنصب بفعل تقديره : أسحقهم سحقاً أو أن ينصب بتقدير : « ألزمهم الله سحقاً » (٧). ومن الجدير بالذكر أنّ هناك مصدراً دالّاً على الدعاء إلاّ أنّ الخلاف يظهر في تقدير فعله الناصب له هو ( سبحان ) (٨) أشار له سيبويه
__________________
(١) مفتاح العلوم : ٦٥ الإيضاح ٤٧٣ : ٢.
(٢) الطراز / العلوي ٢٤٠ : ٣.
(٣) سورة محمد : ٤٧ / ٨.
(٤) سورة الملك : ٦٧ / ١١.
(٥) ظ : معاني القرآن / الفراء ٥٨ : ٣ البيان في غريب إعراب القرآن ٣٧٤ : ٢.
(٦) ظ : الجامع لأحكام القرآن : ٢٣٢ : ١٦.
(٧) البيان في غريب إعراب القرآن ٤٥١ : ٢.
(٨) ذهب الأستاذ المرحوم عباس حسن إلي « سبحان » اسم مصدر لم يشهر استعماله عن العرب ظ : النحو الوافي ٩٧ : ٢.