المعدة ارخاء بيناً ولا يضعفها إضعافاً بيناً ، ولا يطلق البطن إِلا ان فيه على كل حال تقوية وجلاء معتدلاً فهو بهاتين القوتين يسكن ما يكون في فم المعدة من التلذيع اليسير .
فأما التلذيع الكثير فيحتاج له إِلى اشياء اقوى من الزبيب الحلو .
وأفضل أنواع الزبيب وأجوده اكثره لحماً وادقه قشراً .
وبعض الناس يعمد إلى الزبيب الكبار الحلو فيخرج عنه عجمه قبل ان يأكله ، والفاعل لذلك محسن في فعله .
واما مقدار الغذاء وكميته فإِنه من الزبيب الحلو اللحيم يكون كثيراً ، ومن الزبيب القابض المهزول يكون قليلاً ، وإن أنت قست مقداراً من الزبيب الحلو اللحيم المنقى من العجم بمقدار من العنب مساو له : وجدت الزبيب يغذو اكثر من العنب ، وما كان من الزبيب كذلك جلاؤه اقل من جلاء التين اليابس واطلاقه للبطن اقل من اطلاقه غير انه موافق للمعدة ، والجودة لها ابلغ من التين اليابس .
قال في الميامن : اما الزبيب فعسى ان يستهان به من قبل الْفته ، وهذا هو الذي جعله انفع أعني إنا قد الِفْناه ومع هذا فإن فيه قبضاً بمقدار ما تحتاج إِليه الكبد العليلة ويمكن فيه أيضاً مع هذا ان ينضج الاخلاط التي لم تنضج ويعدل الاخلاط الرديئة ويصلح مزاجها ، وهو في طبيعته كثيراً ما يقبل العفونة وجملة جوهره مُشاكِل للكبد .
قال ديسقوريدوس : والابيض من الزبيب هو اشد قبضاً ، ولحم الزبيب إِذا اُكل وافق قصبة الرئة (١) ، ونفع من السعال ونفع الكلى والمثانة ، وإذا أُكل الزبيب وحده نفع من قرحة الأمعاء (٢) .
______________________
(١) قصبة الرئة : هي الحلقوم وهي مجرى النفس . ( مفتاح الطب ) .
(٢) الامعاء مفردها معا : وهو عبارة عن ظرف المأكول والمشروب وما تحيَّز من الفضلات . ( تذكرة أُولي الالباب : ج ٢ ص ٢٣ ) .