شأن غيرها من المُدن الإسلاميّة المقدّسةِ التي ضَمّتْ مراقدَ آلِ محمّدٍ عليهالسلام ، فقد ضُربت هذه المدينة ثلاث مرّات : هدمها للمرّة الأُولىٰ الأمير سبكتكين ، وقوّضها للمرّة الثانية الغزنويّون ، وأتلفتها للمرّة الثالثة عاصفةُ الفتنة المغوليّة عام ٧١٦ ه على عهد الطاغية جنگيزخان ، وقد تجدّدت أبنيتُها ، وأُعيدت آثارها بعد كلّ مرّة ١ ، وهي اليوم ـ مع ماحلّ فيها من تخريب ودمار ـ من أجلّ معاهد العلم عند الشيعة.
« وفيها خزانة كتب للإمام الرضا عليهالسلام » ٢.
وقدكانت طوسُ إحدى المراكز العلميّة المهمّةِ في إقليمِ خراسانَ ، والذي « يُنسبُ إليه خَلْقٌ كثيرٌ من العلماءِ في كلّ فنٍّ » ٣ ، حيث نبغَ فيها فحولُ العلماءِ من المهاجرينَ إليها والمتولّدينَ فيها ، ومن بين هـؤلاء أبو أحمدُ محمّد بن محمّدٍ بنِ أحمدَ الغزّالي صاحب كتاب إحياء العلوم مدرّس النظاميّةِ ببغدادِ ، وحسن بن فضل بن حسن الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان الذي يُعَدّ من مراجع كتب التفسير ، ومحمّد بن حسين بن عبدالصمدِ الحارثي العاملي المعروف بالشيخِ البهائي ، أو بهاءِ الدينِ العاملي ، ومنهم الشيخُ محمّد بن الحسن بن عليّ الحرّ العاملي صاحب وسائل الشيعة ، والجواهر السنّية ، من مراجع كتب الحديث ، وأبوالقاسم محمودُ بنُ عمر بن محمّد الملقّب بالزمخشري صاحب كتاب تفسير الكشّاف ، وأبوجعفر محمّد بن الحسنِ الطوسي صاحب التهذيب والاستبصار وتفسير التبيان ـ مفسرنا ـ والفيلسوفُ العالم نصير الملّة والدين محمّد بن محمدِ الطوسي الحكيم والفلكي المعروف ، والمحدّثُ الفقيه أبو عبدالرحمن أحمد بن عليّ بن شعيب النسائي صاحبُ كتاب الخصائص والسنن ، وأبوبكر أحمدُ بن الحسينِ البيهقي ، الفقيهُ الشافعي ، وأبو الفتح محمّد بن عبدالكريم الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنِحل ، والعالم اللغوي الشهير عبدالملك بن محمّد بن إسماعيل الثعالبي الملقّب بالفرّاء صاحب كتاب فقه اللغة ويتيمة الدهر وسحر البلاغة ، ثمّ
__________________
١. الطهراني ، مقدّمة التبيان ، ج ١ ، ص ٧.
٢. نفس المصدر.
٣. ابن الأثير ، اللباب ، ج ٢ ، ص ٩٣.