القرآنية لاتنسخ الا بايةٍ قرآنيّة اخرى ، وفق ماتقتضيه المصلحة ومشيئة الله تعالى.
١٩. ساهم الشيخ الطوسي مساهمةً جادّةً في عملية تطوير المنهج التفسيري واستطاع ان ينقل التفسير نقلةً كبيرة بعد تاليفه التبيان ، حيث يقول في معرض حديثه عن الدوافع التي حملته على المشروع في كتابة تفسيره :
اني لم اجد احدا من اصحابنا من عمل كتاباً يحتوي على تفسير جميع القرآن ، ويشتمل على فنون معانيه وبذلك يعتبر التبيان اول محاولةٍ تفسيريةٍ وافيةٍ في تاريخ الامامية.
٢٠ ـ مال الشيخ الطوسي إلى الايجاز غير المخل في تفسيره ، لذلك نجده يتخفّف كثيراً عما لاطائل تحته ، بينما يشبع الآيات الكريمة شرحاً ليوفيها حقها من البحث والتفسير متحاشياً الخوض في شروح هامشيةٍ وتفصيلاتٍ جانبيةٍ لاعلاقة لها بالتفسير ، ولاتخدم في استيضاح المعنى المراد من النص القرآني.
٢١. احتوى التبيان على بعض الاشارات العلمية التي تنم عن سعة افقٍ لتفكير الطوسي وانفتاحه على الآيات الكونية بروح علمية ورؤيةٍ ناضجة ، حيث كان لايستبعد ان تكون الارض كروية الشكل ، مخالفاً بذلك جمعاً من المفسرين واصحاب الراي ، كما كان يؤكد حركة الافلاك ونشوء السحاب من بخار الارض ، ومثل هذه التطورات السليمة تعني سبقاً علمياً رائداً ، اذا ما علمنا ان الف عامٍ تفصل بيننا وبين عصر الطوسي حيث القرن الخامس الهجري.
٢٢. وختاما يبقى اسم الشيخ الطوسي مقترناً باسم الحوزة العلمية التي ارسى قواعدها في النجف الأشرف ، يوم هاجر اليها ، ليفتتح اول مدرسةٍ من نوعها هناك ، صارت فيما بعد من اكبر الجامعات الإسلاميّة والمعاهد العلمية التي تخرج منها مايعد بالالاف من اساطين واعاظم الفقهاء وكبار الفلاسفة ونوابغ المتكلمين وافاضل المفسرين واجلاء اللغويين والادباء وغيرهم ممن خبر العلوم الإسلاميّة بانواعها ، وبرع فيها ايما براعة.