ولايتردد بعضهم من الاعتراف بجهله في معاني بعض الكلمات تنزيهاً للقرآن من التفسير بالرأي والظن ١ ، ومن ذلك ماروي عن الخليفة الثاني عمربن الخطاب أنّه قرأ ( وَفاكِهةً وأبّاً ) فقال : هذه الفاكهة قدعرفناها فما الأبّ؟ ثم قال : « قد نُهينا عن التكلف »٢ ومع كثرة الصحابة الذين عايشوا رسول الله وعاصروه وسمعوا منه الحديث إلا إننا لانكاد نجد من بينهم نسبةً عالية من المفسّرين ، وفي هذا المجال يصرّح السيوطي في الإتقان بقوله :
|
اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة : الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأُبي بن كعب وزيدبن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير. أما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب ، والرواية عن الثلاثة الآخرين نزرة جداً ، وكان السبب في ذلك تقدّم وفاتهم كما أن ذلك هو السبب في قلّة رواية أبي بكر للحديث ولا أحفظ عن أبي بكر في التفسير إلا آثاراً قليلة جداً لاتكاد تجاوز العشرة ٣. |
أمّا روايات أهل البيت عليهمالسلام وروايات اُخرى عن الصحابة ، فإنّها تؤكد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد اختصّ الإمام عليّاً عليهالسلام بالتعليم وبيان كتاب الله ، وأنّ أهل البيت عليهمالسلام قد ورثوا علوم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهم رفقاء القرآن ، لاينفكون عنه ، فقد روى المسلمون بالتواتر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قوله : إنّي مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي...
لذا فهم المرجع بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله في التفسير وبيان الأحكام ، ومع ذلك فقد برزت مدرستان في التفسير : مدرسة تعتمد على ما صدر عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام كمراجع للتفسير ، ومدرسة تعتمد على ما صدر عن الصحابة وحدهم فيما لم يرد فيه بيان عن النبي صلىاللهعليهوآله .
ومدرسة التفسير عند الصحابة تعتمد المصادر التالية :
١. القرآن الكريم : لمايشتمل عليه من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وإجمال وتبيين وإيجاز وإطناب ، وفي ذلك يقول الإمام علي عليهالسلام في معرض وصفه للقرآن ينطق بعضه
__________________
١. السيد أبوالقاسم الخوئي ، البيان ، ج ١ ، ص ٢٧٨.
٢. الدر المنثور ، ج ٦ ، ص ٣١٧ ، الآية : عبس ( ٨٠ ) ٣١.
٣. السيوطي ، الإتقان ، ج ٢ ، ص ٣٢١.