فللحنفية كتاب أحكام القرآن لأبي بكر الرازي المعروف بالجصاص ( ت ٣٧٠ ه ) ، وعند الشافعية كتاب أحكام القرآن لأبي الحسن الطبرى ( ت ٥٤٠ ه ) ، ولدى المالكية كتاب ( أحكام القرآن ) لأبي بكربن العربي ( ت ٥٤٣ ه ).
٢. المنحى العقيدي : والذي نشأ بسبب اتجاه رجال كلّ فرقة إلى إعمال عقولهم في تأويل النص القرآني ، وتحكيم معتقداتهم فيه ، ومِن ثمّ استخراج الأدلة منه على سلامة اتّجاههم ١.
وقدكان هذا المنحى خطيراً جداً حيث ظهرت امتدادات الصراع الفكري والعقائدي بشكلٍ مؤثر حاول الكثير من الفرق تسخير كتاب الله وجره بما ينسجم ومتبنياتها واتجاهاتها ، فتأولت آيات الكتاب بشكل قسري ، وكثيرا ماكانت تبتعد فيه عن الروح الموضوعية والنزاهة ، وقدكان للمعتزلة دورٌ كبيرٌ في هذا الميدان ، حيث إنّهم حاولوا تطويع النص القرآني لما يخدم أفكارهم ، وركبوا عامل اللغة للوصول إلى هذا الهدف ، وتفسير الكشاف للزمخشري ٢ حافل بهذا النوع من التأويل والتفسير الذي تطفح فيه النزعة الاعتزالية بشكل جلّي ، يقابله في الجانب الآخر الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب ، والذي دافع فيه عن أهل السنة وأبرز النزعة الأشعرية ، وهاجم المعتزلة ، وأشبع تفسيره نقداً لهم واحتجاجاً عليهم ، كما ودخل علماء المدرسة الإماميّة حلبة الصراع وطرحوا أراءهم ومعتقداتهم في كتب التفسير ، حيث لم يكونوا متفقين مع المعتزلة في جميع معتقداتهم ، وكذلك مع أهل السنة ٣ ، إلى جانب ذلك فقد ظهرت فرقٌ اُخرى عديدة أخذت تتوسّل بالقرآن في إثبات عقائدها وأفكارها كالخوارج والجهمية والمرجئة وغيرهم ٤.
__________________
١. الشحات زغلول ، الاتجاهات الفكرية في التفسير ، ص ١٨٤
٢. نفس المصدر.
٣. شرح المفسرون من الإماميّة أفكارهم في مسألة الصفات ورؤية الله وخلق القرآن والعدل والحسن والقبح والعصمة والتقية والرجعة إلى غير ذلك من المسائل المختلف عليها مع الفرق الإسلاميه الاُخري.
٤. علي سامي النشار ، نشاة الفكر الفلسفي في الإسلام ، ج ١ ، ص ٢٢٩.