يستندون إلى ما في القرآن من دعوة للتامل والتدبر ، والى ماروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : لكل آية ظهرٌ وبطنٌ ، ولكلّ حرفٍ حدٌّ ، ولكلِّ حدٍّ مطلعٌ و ... ١ ، وبذلك تأولوا آيات القرآن الكريم ، وفسروها بما يتناسب ورؤاهم ، ومن ذلك تفسير قوله تعالى ( وَإنَّ مِنَ الحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهارُ وإنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الماءُ وإنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله ) ٢ ، فذكروا أن مراتب القلوب في القسوة مختلفة فالتي يتفجر منها الأنهار قلوب يظهر عليها الغليان أنوار الروح بترك الملذات والشهوات وبعض الأشياء والمشبهة بخرق العادات ، كما يكون لبعض الرهبانيين واليهود.
والتي تشقق ( فَيَخْرُج مِنْهُ المَاءُ ) هي التي يظهر عليها في بعض الأوقات عند انخراق الحُجُب البشرية من أنوار الروح فيريه بعض الآيات والمعاني المعقولة كما يكون لبعض الحكماء والتي ( يَهْبِطُ مِن خَشيَةِ الله ) مايكون لبعض أهل الأديان والملل من قبول عكس أنوار الروح من وراء الحُجُب ، فيقع فيها الخوف والخشية وهذه المراتب مشتركةٌ بين المسلمين وغيرهم ٣.
٣ ـ التفسير اللغوي : وقد تبنى أصحاب هذا المنهج استخدام اللغة كاداةٍ أساسيةٍ في فهم النص القرآني واستخلاص معاني الآيات منه باعتباره نصّاً أدبيّاً معجزاً ، ومن أشهر أصحاب هذا الاتجاه الفراء ( ت ٢٠٧ ) ، ومن ثمّ جاء أبو عبيده ( ت ٢١٠ ) ، واعقبهم في ذلك ثعلب ( ت ٢٩١ ) ، وغيرهم ممن كتبوا في معاني القرآن ، وقد أوجد هذا الاتجاه حركةً واسعةً في مجال الدراسات اللغوية ، فظهرت بعد ذلك آثار علمية في غريب القرآن وأمثال القرآن ومصادرهاوغيرها ٤ ، وقد أكثر أصحاب هذا الإتجاه من الاستشهاد بالشعر العربي على الآيات القرآنية ، وعنوا عنايةً خاصّةً باللغة صرفتهم عن الاشتغال بالقصص القرآني وتفصيل القول فيه ٥ ،
__________________
١. الشاطبي ، الموافقات ، ج ٣ ، ص ٣٨٢.
٢. البقرة ( ٢ ) الآية ٧٤.
٣. نظام الدين النيسابوري ، غرائب القرآن ورغائب الفرقان ، ج ١ ، ص ٣٤٨.
٤. السيد خليل ، نشأة التفسير ، ص ٥٨.
٥. أبوعبيدة ، مجاز القرآن ، ج ١ ، ص ١٦٨.