( فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) ١.
وقد أفرد الغزالي كتاباً خاصّاً لنقض أفكارهم والتشهير بهم سماه فضائح الباطنية ، يقول في بعض فقراته :
|
ولمّا عجزوا عن صرف الخلقِ عن القرآن والسنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريق زخرفوها ، واستفادوا إبطال معاني الشرع ، وكلّ ماورد من الظواهر في التكاليف والحشر والنشر والأُمور الإلهية ، فكلها أمثلة ورموزٌ إلى بواطن ٢. |
وذكر بعضاً من نماذجهم التفسيرية منها :
|
الزنى هو القاء نطفة العلم الباطن في نفس مَنْ لم يسبق معه عقد العهد. والاحتلام : هو أن يسبق لسانه إلى إفشاء السر في غير محله ، فعليه الغسل ، أي تجديد المعاهدة. أما نار إبراهيم فهي غضب نمرود لا النار الحقيقية. وذبح إسماعيل معناه أخذ العهد عليه ٣. |
ومثل هذا التفسير لم يجد رواجاً واسعاً ، خاصة وأنّه يخالف النصوص القرآنية مخالفةً صريحة ، كما ولم يدعمه أصحابه بما يوثقه من أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله ، أو أحاديث الأئمة من أهل البيت باعتبارهم من القائلين بإمامة علي والحسنين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق عليهمالسلام.
٥. المنحى الصوفي : وأصحاب هذا المذهب من المتصوفة الذين عرفوا بالاتجاه الروحي ، والذين يغلب عليهم طابع الزهد والتقشّف ، وقد حاول هؤلاء اخضاع القرآن الكريم إلى مايعتقدونه ، شأنهم بذلك شأن غيرهم من أصحاب المذاهب المختلفة ، وقدجاء تفسيرهم لآيات القرآن الكريم متميزاً بالرمزيّة واستعمال الإشارة في التعبير ، وهم في ذلك يلتقون مع الباطنية في بعض المواقف التفسيرية إزاء النصوص ، وهم في منحاهم هذا
__________________
١. نفس المصدر ، ص ١٨١ ، مناهل العرفان للزرقاني ، ج ٢ ، ص ٧٤ والآية : الحديد ( ٥٧ ) ١٣.
٢. الغزالي ، فضائح الباطنية ، تحقيق عبدالرحمن بدوي ، ص ٥٥.
٣. الغزالي ، فضائح الباطنية ، ص ٥٥ ومابعدها.