من العلقم ، وآلم من حزّ الشفار.
وكذلك قوله صلوات الله عليه في خطبته الشقشقيّة : أما والله لقد تقمّصها (١) ابن أبي قحافة ـ إلى آخرها ـ. (٢)
إذا تقرّر هذا فاعلم ـ أيها المؤمن ـ [ أنّ ] (٣) الدنيا لم تزل مصائبها مولعة بالأنبياء والمرسلين ، ومطالبها عسرة على الأولياء الصالحين ، وأبناءها لم تزل ترمي بسهام حسدها من شيّد الله بالتقوى بنيانه ، وشدّ بالاخلاص أركانه ، وأعلى بالطاعة مجده ، وأسعد بالجدّ جدّه ، يحسد دنيّهم شريفهم ، ويظلم قويّهم ضعيفهم ، فتفكّروا في رأس أبنائها ، وأساس زعمائها ، أوّل كل حاسد ، وأصل كلّ مارد ، أعني الشيطان المغوي ، والفتّان المردي ، كيف افتخر بعنصره النوراني ، وأصله النيرانيّ ، ورمى صفيّ الله المجتبى عن قوس غروره ، وأصمى منه المعابل بنبال فجوره ، وأخرجه وروحه من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ، ويبدي لهما سوآتهما ، فلعنه الله بما أبدى من حسده ، وأبان عن سوء معتقده ، وأخرجه من نعيم جنّته ، وقلّدته بشوقته طوق لعنته ، فطلب النظرة منه سبحانه إلى يوم الدين ، فقال : ( أنظِرنِي إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ ) (٤) فقال سبحانه : ( إنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ ) (٥) فقال : ( فَبِعِزَّتِكَ لَاغوِيَنَّهُم أجمَعِينَ إلَّا عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ ) (٦).
ثمّ ينظره سبحانه كرامة به عليه ولم يمهله لمنفعة واصلة منه إليه ، ولكن
__________________
والعلقم : الحنظل. والشِفار : جمع شفرة : حدّ السيف ونحوه.
١ ـ أي لبسها كالقميص.
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٤ ، نهج البلاغة : ٣٣٦ خطبة ٢١٧ وص ٤٨ خطبة ٣.
٣ ـ أثبتناه لضرورة السياق.
٤ و ٥ ـ سورة الأعراف : ١٤ و ١٥. وانظر الآيتين : ٧٩ و ٨٠ من سورة ص.
٦ ـ سورة ص : ٨٢ و ٨٣.