قال شيخنا وسيّدنا ومفخرنا السيد الجليل محمد الرضي الموسوي رضي الله عنه في خطبة كتاب نهج البلاغة : من كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ومن عجائبه التي تفرّد بها ، وأمن المشاركة فيها أنّ كلامه الوارد في الزهد والمواعظ ، والتذكير والزواجر إذا تأمّله المتأمّل ، وفكّر فيه المتفكّر ، وخلع عن قلبه أنّه كلام مثله ممّن عظم قدره [ ونفذ أمره ] (١) ، وأحاط بالرقاب ملكه ، لم يعترضه الشكّ في أنه كلام مَن لا حظّ له في غير الزهادة ، ولا شغل له في غير العبادة ، قد قبع في كسر بيت (٢) ، أو انقطع في (٣) سفح جبل ، لا يسمع الا حسّه ، ولا يرى إلا نفسه ، ولا يكاد يوقن بأنّه كلام من ينغمس في الحرب مصلتاً سيفه يقطّ الرقاب (٤) ، ويجدّل الأبطال ، ويعود به ينطف (٥) دماً ، ويقطر مُهَجاً ، وهو مع ذلك زاهد الزهّاد ، وبدل الأبدال (٦) ، وهذه من فضائله العجيبة ، وخصائصه اللطيفة ، التي جمع [ بها ] (٧) بين الأضداد ، وألّف بين الأشتات. (٨)
قال الفاضل عبد الحميد بن أبي الحديد عند شرحه الخطبة الّتي قالها أمير المؤمنين صلوات الله عليه عند تلاوته ( ألهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) (٩) وهي : يا له
__________________
١ ـ من النهج.
٢ ـ كسر بيت : جانب الخباء.
٣ ـ في النهج : إلى.
٤ ـ يقطّ الرقاب : يقطعها عرضاً. فإن كان القطع طولاً قيل : يقدّ.
٥ ـ ينطف : يسيل.
٦ ـ الأبدال : قوم صالحون لا تخلو الأرض منهم ، إذا مات منهم واحد بدّل الله مكانه آخر ، والواحد : بدل أو بديل.
٧ ـ من النهج والمناقب.
٨ ـ نهج البلاغة ( صبحى الصالح ) : ٣٥ ـ ٣٦ وفي « عبده » : ١٢ ، عنه مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٤٩.
٩ ـ سورة التكاثر : ١.