تفسير المفردات
الآية : المعجزة الظاهرة التي لا يخفى أنها من عند الله كالعصا واليد البيضاء ، والتبديل : تغيير الشيء من حال إلى حال ، ونعمة الله : هى آياته الباهرة التي آتاها أنبياءه وجعلها مصدر الهدى والنجاة ، والعقاب : عذاب يعقب الذنب ، وزيّن له الشيء : حسّن له ، وسخر منه : استهزأ به ، والحساب : التقدير.
المعنى الجملي
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) أي سل أيها الرسول الكريم هؤلاء الحاضرين من بنى إسرائيل عن الآيات الكثيرة التي آتيناها أسلافهم فأنكروها ، فأخذناهم بذنوبهم ، وحلّ بهم ما كانوا أهلا له من العقاب ، فهل لهم أن يتدبروا عاقبة أمرهم ويعتبروا بتلك العظات البالغة ، ويقلعوا عما هم عليه من الجحود والطغيان؟ خوفا من أن يحلّ بهم مثل ما حلّ بأولئك من النكال والوبال وسوء المآل.
وهذا السؤال سؤال تقريع وتوبيخ لهم على طغيانهم وجحودهم بالحق بعد وضوح الآيات ، كما يقول أحدنا توبيخا لآخر أمام جمع من الناس : سلوه كم أنعمت عليه؟ وكم أنقذته من ورطة كادت تودى به؟.
ثم هدّد وتوعد من يغير سنن الله قال :
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي ومن يغير نعمة الله وهى باهر آياته فيجعلها من أسباب ضلاله بدلا من أن تكون من أسباب سعادته ، وتزيده رجسا إلى رجسه ، عاقبه الله أشدّ العقاب. وذلك جزاء كل من حاد عن سنته ، وبدّل شريعته. وهؤلاء المبدلون منهم ، فالعقاب لا محالة نازل بهم ، إذ هو من سنن الله العامة فحذار أن تكونوا من المخالفين المبدلين.
ومعنى قوله (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) أنها وصلت إليه وتمكن من معرفتها ، ووقف على تفاصيلها فهو بمعنى قوله : «يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ».