المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أحكام القتال وختمها ببيان أنه لا إله غيره يخشى ضره ، أو يرجى خيره فتترك هذه الأحكام لأجله ـ ذكر هنا أنه لا ينبغي التردد فى أمر المنافقين وتقسيمهم فئتين ، مع أن دلائل كفرهم ظاهرة جلية ، فيجب أن تقطعوا بكفرهم وتقاتلوهم حيثما وجدوا.
روى ابن جرير عن ابن عباس أنها نزلت فى قوم أظهروا الإسلام بمكة وكانوا يعينون المشركين على المسلمين ، فاختلف المسلمون فى شأنهم وتشاجروا فنزلت الآية.
الإيضاح
(فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) أي فما لكم صرتم فى المنافقين فئتين واختلفتم فى كفرهم مع تظاهر الأدلة عليه ، فليس لكم أن تختلفوا فى شأنهم ، بل عليكم أن تقطعوا بثبوته.
وهؤلاء فريق من المشركين كانوا يظهرون المودة للمسلمين والولاء لهم وهم كاذبون فيما يظهرون فضلهم ، مع أمثالهم من المشركين ، لكنهم يحتاطون ويظهرون الولاء للمسلمين إذا رأوا منهم القوة ، فإذا ما ظهر لهم منهم ضعف انقلبوا عليهم وأظهروا لهم العداوة.
وكان المؤمنون فى أمرهم فرقتين ، فرقة ترى أنهم يعدّون من الأولياء ويستعان بهم على سائر المشركين المجاهرين لهم بالعداوة ، وفرقة ترى أن يعاملوا كما يعامل غيرهم من المشركين المعلنين العداوة.
(وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا) أي كيف تفترقون فى شأنهم والله قد صرفهم عن الحق الذي أنتم عليه بما كسبوا من أعمال الشرك واجترحوا من المعاصي ، حتى إنهم لا ينظرون إليكم نظرة المودة والإخاء ، بل نظرة العداوة والبغضاء ، ويتربصون بكم الدوائر.