(وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) أي وكان الله عليما بأحوال النفوس وما يطهرها ، حكيما فيما شرعه من الأحكام والآداب التي بها هدايتكم وإرشادكم إلى ما فيه سعادتكم فى الدنيا والآخرة.
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) خالدا فيها أي ماكثا إلى الأبد أو ما كثا مكثا طويلا ، غضب الله عليه أي انتقم منه ، لعنه : أبعده عن رحمته ، أعد له : أي هيأ له.
وللعلماء فى توبة قاتل المؤمن عمدا آراء ثلاثة :
١) يرى ابن عباس وفريق من السلف أن قاتل المؤمن عمدا لا تقبل له توبة وهو خالد فى النار أبدا ، ويدل على ذلك ما أخرجه أحمد والنسائي عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا» وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله تعالى» وروى عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لزوال الدنيا وما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن ، ولو أن أهل سمواته وأهل أرضه اشتركوا فى دم مؤمن لأدخلهم الله تعالى النار» وعن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال «لو أن الثقلين اجتمعوا على قتل مؤمن لأكبّهم الله تعالى على مناخرهم فى النار وإن الله تعالى حرم الجنة على القاتل والآمر به».
وهؤلاء يرون أن التائب من الشرك وقد كان قاتلا زانيا تقبل توبته ولا تقبل توبة المؤمن الذي ارتكب القتل وحده ، إذ الأول لم يؤمن بالشريعة التي تحرم هذه الأمور فله شبه عذر إذا هو كان متبعا لهواه بالكفر وما يتبعه ولم يكن ظهر له صدق النبوة فلما ظهر له الدليل على أن ما كان عليه كفر وضلال وتاب وأناب وعمل صالحا كان جديرا بالعفو.