إذ هم بمخادعتهم للرسول إنما يخادعون الله ، وعظم شأن المقصود بالخداع ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وأن معاملته بذلك كمعاملة الله به.
(وَهُوَ خادِعُهُمْ) أي مجازيهم على خداعهم ، وسمى ذلك مخادعة مشاكلة للفظ الأول ، ونظيره «وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ» وإنما جعل كذلك لأنه قد استعمل فى المعاني المذمومة التي تتضمن الكذب أو تدل على ضعف صاحبها وعجزه غالبا.
وخلاصة المعنى ـ إنه عبر عن سنة الله فى عاقبة أمرهم فى العاجل والآجل من حيث إنها جاءت على غير ما يحبون بلفظ مأخوذ من المخادعة ، إذ أنهم بمخادعتهم للرسول والمؤمنين يسيرون فى طريق يضلّون فيه وينتهون إلى الخزي والوبال من حيث هم يطلبون السلامة والنجاة ، فمخادعتهم لأنفسهم بسوء اختيارهم لها هو مخادعة الله لهم ، إذ جرت سنته تعالى فيمن يعمل مثل عملهم أن يلاقى الخزي فى الدنيا والنكال فى الآخرة ، وهكذا حال المنافقين فى كل أمة وملة يخادعون ويكذبون ، ويكيدون ويغشّون ، ويتولون أعداء أمتهم يبتغون بذلك يدا عندهم يمتون بها إليهم إذا دالت دولتهم ، وكتب التاريخ ملأى بأخبار هؤلاء الأشرار ، ويكثر عددهم فى الأمم فى أطوار الضعف وقوة الأعداء ، إذ هم طلاب منافع يلتمسونها من كل فج ، ويسلكون لها كل طريق ، ولو فيما يضر أمتهم والناس أجمعين ، وقد روى عن ابن عباس أنه قال : خداعه تعالى لهم أن يعطيهم نورا يوم القيامة يمشون به مع المسلمين فإذا وصلوا إلى الصراط انطفأ نورهم وبقوا فى ظلمة ، ودليله قوله تعالى «كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ».
(وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) أي متباطئين متثاقلين ليست لديهم رغبة تبعثهم على عمل ، ولا نشاط يدفعهم على فعل ، لأنهم لا يرجون ثوابا فى الآخرة ، ولا يخشون عقابا إذ لا إيمان لهم ، وإنما يخشون الناس ، فإذا كانوا بمعزل عن المؤمنين