وروى ابن جرير عن علىّ أن الإمام كان يومئذ عبد الرحمن وأن الصلاة صلاة المغرب ـ وكان ذلك قبل أن تحرّم الخمر.
ويفترق المعنى بين الأسلوبين (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) ولا تقربوا الصلاة سكارى إذ الأول يتضمن النهى عن السكر الذي يخشى أن يمتد إلى وقت الصلاة فيفضى إلى أدائها فى أثنائه ؛ وخلاصة المعنى عليه احذروا أن يكون السكر وصفا لكم عند حضور الصلاة فتصلوا وأنتم سكارى ، فامتثال هذا النهى إنما يكون بترك السكر فى وقت الصلاة وفيما يقرب منها ، والثاني يتضمن النهى عن الصلاة حال السكر فحسب.
وأما نهيهم عن الصلاة جنبا فلا يتضمن نهيهم عن الجنابة قبل الصلاة ، لأنها من سنن الفطرة وإنما ينهاهم عن الصلاة فى أثنائها حتى يغتسلوا ولهذا قال جنبا ولم يقل وأنتم جنب.
(وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) أي ولا تقربوا الصلاة جنبا فى أي حال إلا حال كونكم عابرى سبيل : أي مجتازين الطريق ، وقد روى أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم فى المسجد وكان يصيبهم الجنابة ولا يحدون ممرّا إلا فيه فرخّص لهم فى ذلك ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسد تلك الأبواب والكوى إلا فى آخر عمره الشريف ولم يستثن إلا خوخة أبى بكر رضي الله عنه (الخوخة الكوّة والباب الصغير).
(حَتَّى تَغْتَسِلُوا) أي لا تقربوا الصلاة جنبا إلى أن تغتسلوا ، إلا ما رخص لكم فيه من عبور السبيل فى المسجد.
وحكمة الاغتسال من الجنابة أن الجنابة تحدث تهيجا فى الأعصاب فيتأثر البدن كله ويحدث فتور وضعف فيه يزيله الاغتسال بالماء ، ومن ثم ورد فى الحديث «إنما الماء من الماء» رواه مسلم :
والخلاصة ـ إن الذين طلب الصلاة حال العلم والفهم وتدبر القرآن والذكر ، وذلك يتوقف على الصحو وترك السكر ، كما طلب أن يكون الجسم نظيفا نشيطا وذلك لا يكون إلا بإزالة الجنابة.