من الزوجية إلا أن يكونا فى عيشة راضية يستظلان فيها بظلال المودة والرحمة والهدوء والطمأنينة ، والشارع الحكيم لم يضع لكم إلا ما فيه سعادة الفرد والأمة ، ورقي الشؤون الخاصة والعامة.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) وقد وضع لعباده من الشرائع بحكمته ما فيه صلاحهم ما تمسكوا به ، ومن ذلك أنه فرض عليهم عقد النكاح الذي يحفظ الأموال والأنساب ، وفرض على من يريد الاستمتاع بالمرأة مهرا يكافئها له على قبولها قيامه ورياسته عليها ، ثم أذن للزوجين أن يعملا ما فيه الخير لهما بالرضا فيحطا المهر كله أو بعضه أو يزيدا عليه.
ونكاح المتعة (وهو نكاح المرأة إلى أجل معين كيوم أو أسبوع أو شهر) كان مرخّصا فيه فى بدء الإسلام ، وأباحه النبي لأصحابه فى بعض الغزوات لبعدهم عن نسائهم ، فرخص فيه مرة او مرتين خوفا من الزنا فهو من قبيل ارتكاب أخفّ الضررين ، ثم نهى عنه نهيا مؤبدا ، لأن المتمتّع به لا يكون مقصده الإحصان ، وإنما يكون مقصده المسافحة ، وللأحاديث المصرّحة بتحريمه تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة ، ولنهى عمر فى خلافته وإشادته بتحريمه على المنبر وإقرار الصحابة له على ذلك.
ومنع نكاح المتعة يقتضى منع النكاح بنية الطلاق ، ولكن الفقهاء أجازوه إذا نواه الرجل ولم يشترطه فى العقد ، وإن كان كتمانه يعد حداعا وغشا وعبثا بهذه الرابطة العظيمة التي هى أعظم الروابط البشرية ، وإيثارا للتنقل فى مراتع الشهوات ، إلى ما يترتب على ذلك من العداوة والبغضاء ، وذهاب الثقة بين الزوجين حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج الإحصان والتعاون على تأسيس البيت الصالح والعيشة السعيدة.
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ ، فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) المحصنات : هنا الحرائر خاصة بدليل مقابلتها بالإماء ، والحرية كانت عندهم داعية الإحصان ، كما كان البغاء من شأن الإماء ، ومن ثم قالت هند للنبى صلى الله عليه وسلم على سبيل التعجب : أو تزنى الحرّة؟ وعبر عن الإماء بالفتيات