تكريما لهن وإرشادا لنا إلى ألا ننادى بالعبد والأمة بل بلفظ الفتى والفتاة ، وقد روى البخاري قوله صلى الله عليه وسلم «لا يقولنّ أحدكم عبدى أمي ، ولا يقل المملوك ربى ، ليقل المالك فتاى وفتاتى ، وليقل المملوك سيدى وسيدتى ، فإنكم المملوكون ، والرب هو الله عز وجل».
والمعنى ـ ومن لم يستطع منكم طولا فى الحال أو المآل نكاح المحصنات اللواتى أحلّ لكم أن تتغوا نكاحهن بأموالكم وتقصدوا بنكاحهن الإحصان لهن ولانفسكم فلينكح أمة من الإماء المؤمنات ، والطّول (هو السعة المعنوية أو المادية) تختلف باختلاف الأشخاص ، فقد يعجز الرجل عن التزوج بحرة وهو ذو مال يقدر به على المهر لنفور النساء منه لعيب فى خلقه أو خلقه ، وقد يعجز عن القيام بغير المهر من حقوق المرأة الحره ، فإن لها حقوقا كثيرة من النفقة والمساواة وغير ذلك ، وليس للأمة مثل هذه الحقوق.
وقد قدّر الحنفية المهر بدراهم معدودة ، فقال بعضهم : ربع دينار ، وقال بعضهم : عشرة دراهم.
وليس فى الكتاب ولا فى السنة ما يؤيد هذا التحديد ، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن يريد الزواج «التمس ولو خاتما من حديد» وروى أن بعض المسلمين تزوج امرأة وجعل المهر تعليمها شيئا من القرآن.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي فأنتم أيها المؤمنون إخوة فى الإيمان بعضكم من بعض كما قال : «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ» فلا ينبغى أن تعدوا نكاح الأمة عارا عند الحاجة إليه.
وفي هذا إشارة إلى أن الله قد رفع شأن الفتيات المؤمنات وساوى بينهن وبين الحرائر ، وهو العليم بحقيقة الإيمان ودرجة قوته وكماله ، فرب أمة أكمل إيمانا من حرة فتكون أفضل منها عند الله «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ».
(فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) الأهل هنا الموالي المالكون لهن ، أي فإذا أحببتم نكاحهن ورغبتم فيه ، لأن الإيمان قد رفع من قدرهن فانكحوهن بإذن موالهن.