وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠))
تفسير المفردات
توفى الشيء : أخذه وافيا تاما ، وتوفى الملائكة للناس : قبض أرواحهم حين الموت والمأوى : المسكن ، مراغما : مكانا للهجرة ومأوى يصيب فيه الخير والسعة فيرغم بذلك أنوف من كانوا مستضعفين له ، وقع أجره على الله : أي وجب ، والوقوع والوجوب يتواردان على معنى واحد.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه فى الآية السالفة فضل المجاهدين فى سبيل الله على القاعدين بغير عجز ـ ذكر حال قوم أخلدوا إلى السكون وقعدوا عن نصرة الدين ، وعذروا أنفسهم بأنهم فى أرض الكفر حيث اضطهدهم الكافرون ومنعوهم من إقامة الحق وهم عاجزون عن مقاومتهم ، ولكنهم فى الحقيقة غير معذورين ، لأنه كان يجب عليهم الهجرة إلى المؤمنين الذين يعتزون بهم ، إذ هم بحبهم لبلادهم وإخلادهم إلى أرضهم وسكونهم إلى أهليهم ومعارفهم ضعفاء فى الحق لا مستضعفون ، وهم بضعفهم هذا قد حرموا أنفسهم بترك الهجرة من خير الدنيا مما أفاء الله به على المؤمنين ، ومن خير الآخرة بإقامة الحق وإعلاء كلمة الدين.
وظلمهم لأنفسهم : هو تركهم العمل بالحق خوفا من الأذى وفقد الكرامة عند ذوى قرابتهم من المبطلين.
وهذا الاعتذار وما أشبهه مما يعتذر به الذين سايروا أهل البدع على بدعهم فى عصرنا الحاضر بحجة دفع الأذى عن أنفسهم بمداراة المبطلين ، وذلك عذر لا يعتد به ، إذا الواجب