وقال بعض الفقهاء : المراد من الأهل من لهم عليهن ولاية التزويج ولو غير المالكين كالأب والجد والقاضي والوصي ، إذ لكل منهم تزويج أمة اليتيم.
(وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي وأدوا إليهن مهورهن بإذن أهلهن ، إذ أن المهر هو حق المولى ، لأنه بدل عن حقه فى إباحة الاستمتاع بها ، وقال مالك : المهر حق للزوجة على الزوج وإن كانت أمة فهو لها لا لمولاها ، وإن كان الرقيق لا يملك شيئا لنفسه لأن المهر حق الزوجة تصلح به شأنها ويكون تطييبا لنفسها فى مقابلة رياسة الزوج عليها ، وسيد الأمة مخير بين أن يأخذه منها بحق الملك ، أو يتركه لها لتصلح به شأنها وهو الأفضل والأكمل.
ومعنى قوله : (بِالْمَعْرُوفِ) أي بالمعروف بينكم فى حسن التعامل ومهر المثل وإذن الأهل.
(مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) أي أعطوهن أجورهن حال كونهن متزوجات منكم لا مستأجرات للبغاء جهرا وهن المسافحات ، ولا سرّا وهن متخذات الأخدان والأصحاب.
وقد كان الزنا فى الجاهلية قسمين : سرى وعلنى ، فالسرى يكون خاصا فيكون للمرأة خدن يزنى بها سرا ولا تبذل نفسها لكل أحد ، والعلنى يكون عاما وهو المراد بالسفاح قاله ابن عباس.
وكان البغايا من الإماء ينصبن الرايات الحمر لتعرف منازلهن ، ولا تزال هذه العادة متبعة إلى الآن فى بلاد السودان ، فتوجد بيوت خاصة لشراب الذرة (المريسة) وفيها البغاء العلنى.
وروى عن ابن عباس أن أهل الجاهلية كانوا يحرّمون ما ظهر من الزنا ويقولون إنه لؤم ، ويستحلون ما خفى ويقولون : إنه لا بأس به ، وقد نزل فى تحريم هذين النوعين قوله تعالى «وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ».