للكافرين نصيب من الظفر منّوا عليهم بأنهم كانوا عونا لهم على المؤمنين ، بتخذيلهم والتواني فى الحرب معهم وإلقاء الكلام الذي تخور به عزائمهم عن قتالكم ، فاعرفوا لنا هذا الفضل وهاتوا نصيبنا مما أصبتم.
والسر فى التعبير عن ظفر المؤمنين بالفتح وأنه من الله ، وعن ظفر الكافرين بالنصيب ـ الإيماء إلى أن العاقبة للحق دائما ، وأن الباطل ينهزم أمامه مهما كان له أول أمره من صولة ودولة ، وقد يقع أثناء ذلك نصيب من الظفر للباطل ولكن تنتهى بغلبة الحق عليه كما قال «وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ» مادام أهله متبعين لسنة الله بأخذ الأهبة وإعداد العدّة كما أمر بذلك الكتاب العزيز بقوله «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ».
وإنما غلب المسلمون فى هذه العصور على أمرهم وفتح الكافرون بلادهم التي فتحوها من قبل بقوة إيمانهم ، لأنهم تركوا أخذ الأهبة وإعداد العدة ، وقام أعداؤهم بكل ما تستدعيه الحروب الحاضرة فأنشئوا البوارج والمدافع والدبابات المدرعة ، والغواصات المهلكة ، والطائرات المنقضّة ، إلى نحو ذلك من آلات التدمير والهلاك فى البر والبحر والجور ووسائل ذلك من علوم طبيعية أو آلية (ميكانيكية) أو رياضية.
(فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي فالله يحكم بين المؤمنين الصادقين والمنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر حكما يليق بشأن كل من الثواب والعقاب ، فيثيب أحباءه ويعاقب أعداءه ، أما فى الدنيا فأنتم وهم سواء فى عصمة الأنفس والأموال كما جاء فى الحديث «فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم».
(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) أي إن المؤمنين ما داموا مستمسكين بدينهم متبعين لأمره ونهيه قائمين بعمل ما يستدعيه الدفاع عن بيضة الدين من أخذ الأهبة وإعداد العدّة لن يغلبهم الكافرون ، ولن يكون لهم عليهم سلطان ، وما غلب المسلمون على أمرهم إلا بتركهم هدى كتابهم وتركهم أوامر دينهم وراءهم