روى عن ابن عباس قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان ابن طلحة ، فلما أتاه قال أرنى المفتاح (مفتاح الكعبة) فلما بسط يده إليه قام العباس فقال : يا رسول الله بأبى أنت وأمي اجمعه لى مع السقاية ، فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هات المفتاح يا عثمان ، فقال هاك أمانة الله ، فقام ففتح الكعبة ثم خرج فطاف بالبيت ثم نزل عليه جبريل برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) حتى فرغ من الآية)
الإيضاح
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) الأمانة على أنواع :
١) أمانة العبد مع ربه ، وهى ما عهد إليه حفظه من الائتمار بما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه ، واستعمال مشاعره وجوارحه فيما ينفعه ويقرّبه من ربه ، وقد ورد فى الأثر :
إن المعاصي كلها خيانة لله عز وجل.
٢) أمانة العبد مع الناس ، ومن ذلك رد الودائع إلى أربابها وعدم الغش وحفظ السر ونحو ذلك مما يجب للأهل والأقربين وعامة الناس والحكام.
ويدخل فى ذلك عدل الأمراء مع الرعية وعدل العلماء مع العوام بأن يرشدوهم إلى اعتقادات وأعمال تنفعهم فى دنياهم وأخراهم من أمور التربية الحسنة وكسب الحلال ، ومن المواعظ والأحكام التي تقوّى إيمانهم وتنقذهم من الشرور والآثام وترغبهم فى الخير والإحسان ، وعدل الرجل مع زوجه بألا يفشى أحد الزوجين سرا للآخر ولا سيما السر الذي يختص بهما ولا يطلع عليه عادة سواهما.
٣) أمانة الإنسان مع نفسه ، بألا يختار لنفسه إلا ما هو الأصلح والأنفع له فى الدين والدنيا ، وألا يقدم على عمل يضره فى آخرته أو دنياه ، ويتوقى أسباب الأمراض والأوبئة بقدر معرفته وما يعرف من الأطباء ، وذلك يحتاج إلى معرفة علم الصحة ولا سيما فى أوقات انتشار الأمراض والأوبئة.