(وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) أمر الله بالعدل فى آيات كثيرة : منها هذه الآية ، ومنها «اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى» وقوله «كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ» وقوله «فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» والحكم بين الناس له طرق : منها الولاية العامة والقضاء وتحكيم المتخاصمين لشخص فى قضية خاصة.
والحكم بالعدل يحتاج إلى أمور :
١) فهم الدعوى من المدّعى والجواب من المدّعى عليه ، ليعرف موضوع التنازع والتخاصم بأدلته من الخصمين.
٢) خلوّ الحاكم من التحيز والميل إلى أحد الخصمين.
٣) معرفة الحاكم الحكم الذي شرعه الله ليفصل بين الناس على مثاله من الكتاب أو السنة أو إجماع الأمة.
٤) تولية القادرين على القيام بأعباء الأحكام.
وقد أمر المسلمون بالعدل فى الأحكام والأقوال والأفعال والأخلاق ، قال تعالى «وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى».
ثم بين حسن العدل وأداء الأمانة فقال :
(إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) أي نعم الشيء الذي يعظكم به أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس ، إذ لا يعظكم إلا بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم فى الدارين.
(إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) أي عليكم أن تعملوا بأمر الله ووعظه ، فإنه أعلم منكم بالمسموعات والمبصرات ، فإذا حكمتم بالعدل فهو سميع لذلك الحكم ، وإن أديتم الأمانة فهو بصير بذلك.
وفى هذا وعد عظيم للمطيع ، ووعيد شديد للعاصى ، وإلى ذلك الإشارة بقوله عليه السلام «اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» وفيه أيضا إيماء إلى الاهتمام بحكم القضاة والولاة لأنه قد فوض إليهم النظر فى مصالح العباد.