والمخالفة مأخوذة من الشّق كأن كل واحد من المتعاديين يكون فى شق غير الذي فيه الآخر.
المعنى الجملي
لا يزال الحديث فى الذين يختانون أنفسهم ويستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ، وهم طعمة بن أبيرق ومن أراد مساعدته من بنى جلدته.
الإيضاح
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) أي لا خير فى كثير من تناجى أولئك الذين يسرّون الحديث من جماعة طعمة الذين أرادوا مساعدته على اتهام اليهودي وبهته ومن سائر الناس ، ولكن الخير كل الخير فى نجواى ، من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ، وإنما قال فى كثير لأن من النجوى ما يكون فى الشؤون الخاصة كالزراعة والتجارة مثلا فلا توصف بالشر ولا هى مقصودة من الخير ، وإنما المراد بالنجوى الكثيرة المنفي عنها الخير هى النجوى فى شؤون الناس ومن ثم استثنى منها الأشياء الثلاثة التي هى جماع الخير للناس.
والكتاب الحكيم يجعل النجوى مظنّة الإثم والشر ، ومن ثم خاطب الله المؤمنين بقوله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ».
والسرّ فى كون النجوى مظنة الشر فى الأكثر أن العادة قد جرت بحب إظهار الخير والتحدث به فى الملأ. وأن الشر والإثم هو الذي يذكر فى السر والنجوى ، وفى الأثر «الإثم ما حاك فى النفس وكرهت أن يطّلع عليه الناس».
وقد استثنى الله من النجوى التي لا خير فى أكثرها أمورا ثلاثة ، لأن خيريتها أو كمالها تتوقف على الكتمان وجعل التعاون عليها سرا والحديث فيها نجوى.