عن عبد الله بن زمعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يضاجعها فى آخر اليوم» يعنى أنه إذا لم يكن بدّ للرجل من هذا الاتصال الخاص بامرأته ، وهو أقوى وأحكم اجتماع يكون بين اثنين من البشر وقد قضت به الفطرة ، فكيف يليق به بعدئذ أن يجعل امرأته ، وهى كنفسه مهينة كمهانة عبده يضربها بسوطه أو بيده ، فالرجل الكريم يأبى عليه طبعه مثل هذا الجفاء.
والخلاصة ـ إن الضرب علاج مرّ قد يستغنى عنه الخيّر الكريم ، ولكنه لا يزول من البيوت إلا إذا عم التهذيب الرجال والنساء ، وعرف كلّ ماله من الحقوق وكان للدين سلطان على النفوس يجعلها تراقب الله فى السر والعلن وتخشى أمره ونهيه.
ثم رغب فى حسن المعاملة الزوجية فقال :
(فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي فإن أطعنكم بواحدة من هذه الخصال التأديبية فلا تبغوا ولا تتجاوزوا ذلك إلى غيرها ، فابدءوا بما بدأ الله من الوعظ ، فإن لم يجد فبالهجر ، فإن لم يفد فبالضرب ، فإذا لم يغن فليلجأ إلى التحكيم ، ومتى استقام لكم الظاهر فلا تبحثوا عما فى السرائر.
ثم هدّد وتوعد من يظلم النساء ويبغى عليهن فقال :
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) يذكّر سبحانه عباده بقدرته وكبريائه عليهم ، ليتعظوا ويخشوه فى معاملتهن ، فكأنه يقول لهم : إن سلطانه عليكم فوق سلطانكم على نسائكم ، فإذا بغيتم عليهن عاقبكم ، وإن تجاوزتم عن هفواتهن كرما تجاوز عنكم وكفر عنكم سيئاتكم :
وليس بخاف أن الرجال الذين يستذلّون نساءهم إنما يلدون عبيدا لغيرهم ، إذ هم يتربون على الظلم ويستسيغونه ، ولا يكون فى نفوسهم شىء من الكرامة ولا من الشمم والإباء ، وأمة تخرج أبناء كهؤلاء إنما تربى عبيدا أذلاء لا يقومون بنصرتها ، ولا يغارون لكرامتها ، فما أحراهم بأن يكونوا قطعانا من الغنم تزدجر من كل راع وتستجيب لكل ناعق!.