وهذان النوعان فاشيان الآن فى بلاد الإفرنج والبلاد التي تقلدهم فى شرورهم كمصر والآستانة وبعض بلاد الهند.
وقصارى القول : إن الله فرض فى نكاح الإماء مثل ما فرض فى نكاح الحرائر من الإحصان والعفة لكل من الزوجين ، لكن جعل الإحصان وعدم السفاح فى نكاح الحرائر من قبل الرجال أولا وبالذات فقال (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) لأن الحرائر ولا سيما الأبكار أبعد من الرجال عن الفاحشة وأقل انقيادا لطاعة الشهوة ، إلى أن الرجال هم الطالبون للنساء والقوّامون عليهن.
وجعل قيد الإحصان فى جانب الإماء ، فاشترط على من يريد أن يتزوج أمة أن يتحرى فيها أن تكون محصنة مصونة فى السر والجهر فقال (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) وذلك أن الزنا كان غالبا فى الجاهلية على الإماء وكانوا يشترونهن للاكتساب ببغائهن حتى إن عبد الله بن أبىّ كان يكره إماءه على البغاء بعد أن أسلمن فنزل فى ذلك : «وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا».
إلى أنهن لذلّهن وضعفهن وكونهن مظنّة للانتقال من يد إلى أخرى ـ لم تمرّن نفوسهن على الاختصاص برجل واحد يرى لهن عليه من الحقوق ما تطمئنّ به نفوسهن فى الحياة الزوجية التي هى من شؤون الفطرة.
(فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) أي إن الإماء إذا زنين بعد إحصانهن بالزواج فعليهن من العقاب نصف ما على المحصنات الكاملات وهن الحرائر إذا زنين ، وهذا العقاب ما بينه سبحانه بقوله «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ» فتجلد الأمة المتزوجة خمسين جلدة ، وتجلد الحرة مائة.
والسر فى هذا ما قدمناه فيما سلف وهو كون الحرة أبعد عن داعية الفاحشة ، والأمة ضعيفة عن مقاومتها ، فرحم الله ضعفها ، وخفف العقاب عنها ، وقد قيدوا المحصنات