(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر فيما سلف كيفية معاملة اليتامى وإيتاء أموالهم إليهم عند الرشد وعدم دفع الأموال إلى السفهاء ، ثم بين وجوب دفع المهور للنساء وأنكر عليهم أخذها توجه من الوجوه ، ثم ذكر وجوب إعطاء شىء من أموال اليتامى إلى أقاربهم إذا حضروا القسمة ، ذكر هنا قاعدة عامة للتعامل فى الأموال تطهيرا للأنفس فى جمع المال المحبوب لها فقال :
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) الباطل من البطل والبطلان وهو الضياع والخسار ، وفي الشرع أخذ المال بدون عوض حقيقى يعتد به ، ولا رضا ممن يؤخذ منه ، أو إنفاقه في غير وجه حقيقى نافع ، فيدخل في ذلك النصب والغش والخداع والربا والغبن وإنفاق المال في الوجوه المحرمة والإسراف بوضع المال فيما لا يرضى به العقلاء.
قوله «بَيْنَكُمْ» رمز إلى أن المال المحرم يكون عادة موضع التنازع في التعامل بين الآكل فالمأكول منه كل منهما يريد جذبه إليه ، والمراد بالأكل الأخذ على أي وجه ، وعبر عنه الأكل لأنه أكثر أوجه استعمال المال وأقواها ، وأضاف الأموال إلى الجميع ولم يقل لا يأكل بعضكم مال بعض ، تنبيها إلى تكافل الأمة في الحقوق والمصالح كأن مال كل واحد منها هو مال الأمة جميعها ، فإذا استباح أحدهم أن يأكل مال الآخر بالباطل كان