(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) أي ثم كلى أيتها النحل من كل ثمرة تشتهيها ، حلوة أو مزّة أو بين ذلك.
(فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً) أي فاسلكى الطرق التي ألهمك الله أن تسلكيها ، وتدخلى فيها لطلب الثمار ، ولا تعسر عليك وإن توعّرت ، ولا تضلّى عن العودة منها وإن بعدت.
وبعد أن خاطب النحل أخبر الناس بفوائدها لأن النعمة لأجلهم فقال :
(يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) أي يخرج من بطونها عسل مختلف الألوان ، فتارة يكون أبيض وأخرى أصفر ، وحينا أحمر بحسب اختلاف المرعى.
(فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) لأنه نافع لكثير من الأمراض ، وكثيرا ما يدخل فى تركيب العقاقير والأدوية.
روى البخاري ومسلم عن أبى سعيد الخدري أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه فقال : إن أخى استطلق بطنه فقال له رسول الله (اسقه عسلا) فسقاه عسلا ، ثم جاء فقال يا رسول الله : سقيته عسلا فما زاده إلا استطلاقا ، قال (اذهب فاسقه عسلا (فذهب فسقاه عسلا ثم جاء فقال يا رسول الله ما زاده ذلك إلا استطلاقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم (صدق الله وكذب بطن أخيك ، اذهب فاسقه عسلا) فذهب فسقاه عسلا فبرئ.
وعلل هذا بعض الأطباء الماضين قال : كان لدى هذا الرجل فضلات فى المعدة ، فلما سقاه عسلا تحللت فأسرعت إلى الخروج فزاد إسهاله ، فاعتقد الأعرابى أن هذا يضره وهو فائدة لأخيه ، ثم سقاه فازداد التحلل والدفع ، وكلما سقاه حدث مثل هذا حتى اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن ، فاستمسك بطنه ، وصلح مزاجه ، وزالت الآلام والأسقام بإرشاده عليه السلام.
وروى البخاري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :