(وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي ولتطلبوا فضل الله ورزقه بركوبه للتجارة.
(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي ولتشكروا ربكم على ما أنعم به عليكم ، إذ جعل ركوب البحر مع كونه مظنة للهلاك سببا للانتفاع وحصول المعاش مع عدم الحاجة إلى الحل والترحال والاستراحة والسكون ، ولله در القائل :
وإنا لفى الدنيا كركب سفينة |
|
نظنّ وقوفا والزمان بنا يسرى |
(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) أي وألقى فى الأرض جبالا ثوابت لتقرّ ولا تضطرب بما عليها من الحيوان ، فلا يهنأ لهم عيش بسبب ذلك كما قال : «وَالْجِبالَ أَرْساها» وما الأرض إلا كسفينة على وجه الماء ، فإذا لم يكن فيها أجرام ثقيلة تضطرب وتميل من جانب إلى جانب بأدنى الأسباب ، وإذا وضعت فيها أجرام ثقيلة استقرت على حال واحدة ، فكذا الأرض لو لم يكن عليها هذه الجبال لاضطربت ، وقد تقدم إيضاح هذا وسيأتى بعد.
(وَأَنْهاراً) أي وجعل فيها أنهارا تجرى من مكان إلى آخر رزقا للعباد ، فهى تنبع فى مواضع وهى رزق لأهل مواضع أخرى ، فهى تقطع البقاع والبراري وتخترق الجبال والآكام حتى تصل إلى البلاد التي سخّر لأهلها أن تنتفع بها كما يشاهد فى نهر النيل ، إذ ينبع من أواسط إفريقيّة ، ويمر بجبال ووهاد فى السودان ، ويستفيد منه الفائدة الكبرى أهل مصر دون سواها ، وكل ذلك بتقدير اللطيف الخبير.
(وَسُبُلاً) أي وكذلك جعل فيها سبلا أي طرقا نسلك فيها من بلاد إلى أخرى ، وقد تحدت ثلمة فى الجبل لتكون ممرا طريقا وكما قال تعالى فى وصف الجبال : «وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً» الآية.
(لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) بتلك السبل إلى ما تريدون فلا تضلون.
(وَعَلاماتٍ) أي وجعل فيها علامات أي دلائل يهتدى بها الساري من جبال كبار وآكام صغار ونحو ذلك ، حتى إذا ضل الطريق كانت عونا له ، وهدته إلى السبيل السوي فى البر والبحر.