أيديهم ما ترك على ظهر الأرض دابة ، أما الظالم فبظلمه وأما غيره فبشؤمه كما قال سبحانه : «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً» لكنه سبحانه يحلم ويستر وينظر إلى أجل مسمى ، ثم سلّى رسوله صلى الله عليه وسلّم على ما كان يناله من أذى عشيرته بأن قومه ليسوا ببدع فى الأمم ، فقد أرسلنا رسلا إلى أمم من قبلك فكذبوهم فلك بهم أسوة ، فلا يحزننّك تكذيبهم ولا تبخع نفسك عليهم أسى وحسرة.
الإيضاح
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) أي ولو يؤاخذ الله عصاة بنى آدم بمعاصيهم ما ترك على ظهر الأرض دابة.
أخرج البيهقي وغيره عن أبى هريرة أنه سمع رجلا يقول : إن الظالم لا يضرّ إلا نفسه ، فقال لا والله ، بل إن الحبارى فى وكرها لتموت من ظلم الظالم.
وعن ابن مسعود رضى الله عنه كاد الجعل (الجعران) يهلك فى جحره بذنب ابن آدم ثم قرأ الآية.
وأخرج أحمد عن أبى هريرة أنه قال : ذنوب ابن آدم قتلت الجعل فى جحره ، ثم قال إي والله زمن غرق قوم نوح عليه السلام.
(وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) أي ولكن بحمله يؤخر هؤلاء الظلمة فلا يعاجلهم بالعقوبة إلى أجل سماه الله لعذابهم ، فإذا جاء الوقت الذي وقت لهلاكهم لا يستأخرون عن الهلاك ساعة فيمهلون ولا يستقدمون قبله حتى يستوفوا أعمارهم ، وقد تقدم نظير هذا.
(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) أي وينسب هؤلاء المشركون إلى الله سبحانه ما يكرهون لأنفسهم من البنات والشركاء فى الرياسة.
(وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) أي ويكذبون فيما يدعون إذ يزعمون