ثم بين فضله على عباده فى بيان أحكام دينهم لهم فقال :
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي ومثل هذا التبيين لتلك الأحكام يبين لكم شرائع دينكم وأحكامه ، والله عليم بما يصلح أحوال عباده ، حكيم فى تدبير أمورهم ، فيشرع لهم ما يصلح أحوالهم فى المعاش والمعاد.
روى سعيد بن جبير عن ابن عباس : ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ» الآية ، وقوله فى النساء : «وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى» الآية ، وقوله فى الحجرات : «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ».
وعن عكرمة عن ابن عباس أن رجلين سألاه عن الاستئذان فى العورات الثلاث التي أمر الله بها فى القرآن فقال : إن الله ستّير يحب الستر ، كأن الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حجال فى بيوتهم ، فربما فجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه فى حجره وهو على أهله ، فأمرهم الله أن يستأذنوا فى تلك العورات ، ثم بسط الله عليهم الرزق فاتخذوا الستور واتخذوا الجبال فرأوا أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به اه.
ولما بين الله حكم الأرقاء والصبيان الذين هم أطوع للأمر وأقبل لكل خير ـ أتبعه بحكم البالغين الأحرار بقوله :
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي وإذا بلغ الصغار من أولادكم وأقربائكم الأحرار سنّ الاحتلام وهو خمس عشرة سنة فلا يدخلوا عليكم فى كل حين إلا بإذن لا فى أوقات العورات الثلاث ولا فى غيرها ، كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه.
وذكر الله فى هذه الآية حكم الأطفال إذا بلغوا ولم يذكر حكم ما ملكت أيماننا مع أن ما قبلها فيه ذكر المماليك والأطفال ـ لأن حكم ما ملكت اليمين وحد كبارهم ، صغارهم ، وهو الاستئذان فى الساعات الثلاث التي ذكرت فى الآية قبل