(حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) أي حتى إذا جاءهم أمر الله ، وجاءتهم الساعة بغتة ، وأخذهم من العذاب ما لم يكونوا يحتسبون ـ أيسوا من كل خير وانقطعت آمالهم وخاب رجاؤهم.
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠))
تفسير المفردات
ذرأكم فى الأرض : أي خلقكم وبثكم فيها ، اختلاف الليل والنهار : تعاقبهما من قولهم : فلان يختلف إلى فلان : أي يتردد عليه بالمجيء والذهاب.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه إعراض المشركين عن سماع الأدلة ورؤية العبر والتأمل فى الحقائق ـ أردف ذلك الامتنان على عباده بأنه قد أعطاهم الحواس من السمع والبصر وغيرهما ووفقهم لاستعمالها ، وكان من حقهم أن يستفيدوا بها ، ليستبين لهم الرشد من الغى ، لكنها لم تغن عنهم شيئا ، فكأنهم فقدوها كما قال : «فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ» ثم ساق أدلة أخرى على وجوده وقدرته ، فبين أنه أوجدهم من العدم وأن حشرهم إليه ، وأنه هو الذي يحييهم ثم يميتهم ، وأنه هو الذي يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل ، أفلا عقل لكم تتأملون به فيما تشاهدون؟