المحصنات به ، وشدد فى عقوبته الدنيوية والأخروية ، فجعل عقوبته فى الدنيا الجلد وألا تقبل له شهادة أبدا ، فيكون ساقط الاعتبار فى نظر الناس ملغى القول لا تسمع له كلمة ، وجعل عقوبته فى الآخرة العذاب المؤلم الموجع إلا إذا تاب إلى الله وأناب وأصلح أعماله ، فإنه يزول عنه اسم الفسوق وتقبل شهادته.
الإيضاح
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) أي إن الذين يشتمون العفيفات من حرائر المسلمين فيرمونهن بالزنا ، ثم لم يأتوا على ما رموهن به من ذلك بأربعة شهداء عدول يشهدون بأنهم رأوهن يفعلن ذلك ـ فاجلدوهم ثمانين جلدة جزاء لهم على ما فعلوا من ثلم العرض ، وهتك الستر دون أن يكون ذلك بوجه الحق.
(وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) أي وردوا شهادتهم ، ولا تقبلوها أبدا فى أي أمر من الأمور.
ثم بين سوء حالهم عند ربهم بقوله :
(وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي وأولئك هم الخارجون عن طاعة ربهم إذ أنهم فسقوا عن أمره ؛ وركبوا كبيرة من الكبائر ، باتهامهم المحصنات الغافلات المؤمنات كذبا وبهتانا ؛ كما قال حسان يمدح أمّ المؤمنين عائشة :
حصان رزان ما تزنّ بريبة |
|
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل (١) |
وهم إن كانوا صادقين فقد هتكوا ستر المؤمنات ، وأوقعوا السامعين فى شك من أمرهن ، دون أن يكون فى ذلك فائدة دينية ولا دنيوية لهم ، وقد أمرنا بستر العرض إذا لم يكن فى ذلك مصلحة فى الدين.
__________________
(١) حصان : عفيفة ، ورزان : حصيفة الرأى ، وتزن : تتهم ، وريبة : أي شك فى عرضها ، وغرثى : جائعة ، والمراد أنها لا تغتاب النساء كما هو شأن المرأة.