ثم ذكر سبب النهى فقال :
(وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) أي ومن اتبع الشيطان ارتكب الفحشاء والمنكر ، فإنه لا يأمر إلا بهما ، ومن هذا شأنه لا ينبغى اتباعه ولا طاعته.
ثم أكد منته على عباده فقال :
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) أي ولو لا فضل الله عليكم ورحمته بكم بتوفيقكم للتوبة التي تمحو الذنوب وتغسل أدرانها ما طهر أحد منكم من ذنبه وكانت عاقبته النكال والوبال ، ولعاجلكم بالعقوبة كما قال :
«وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ على ظهرها مِنْ دَابَّةٍ».
(وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) أي ولكنّ الله جلت ، قدرته يطهر من يشاء من خلقه بقبول توبتهم من تلك الذنوب التي اجترحوها تفضلا منه ورحمة كما فعل بمن سلّم من داء النفاق ممن وقع فى حديث الإفك كحسان ومسطح وغيرهما.
(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي والله سميع لما تقولون بأفواهكم من القذف وإثبات البراءة ، عليم بما فى قلوبكم من محبة إشاعة الفاحشة أو كراهتها ، ومجازيكم بكل ذلك.
وفى هذا حث لهم على الإخلاص فى التوبة ، والابتعاد جهد المستطاع عن المعصية ، وارتكاب الأوزار والآثام.
(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) أي ولا يحلف من كان ذا فضل وسعة منكم أيها المؤمنون بالله ، ألا يعطوا ذوى قرابتهم المساكين المهاجرين كمسطح ابن خالة أبى بكر الذي كان فقيرا وهاجر من مكة إلى المدينة وشهد مع رسول الله بدرا.
روى أن الآية نزلت فى أبى بكر رضى الله عنه حين حلف أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة أبدا بعد ما قول فى عائشة ما قال