ونحو الآية قوله تعالى : «وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟ قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ».
عن أبى سعيد الخدرىّ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : «إذا كان يوم القيامة عرّف الكافر بعمله ، فيجحد ويخاصم ، فيقال هؤلاء جيرانك يشهدون عليك ، فيقول كذبوا ، فيقال أهلك وعشيرتك ، فيقول كذبوا ، فيقال احلفوا فيحلفون ، ثم يصمّهم الله فتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ثم يدخلهم النار».
ويرى فريق من المفسرين أن الشهادة هنا ليست الشهادة باللسان ، بل شهادة الإثبات والبيان ، إذ كل ما يعمله الإنسان فى الدنيا من قول أو فعل تنطبع له صورة على العضو الذي فعله ، فالكلمة يقولها تنطبع لها صورة على اللسان ، واليد التي تمتد لفعل شىء ، والرجل التي تخطو إلى عمل ، كل ذلك يحفظ على نفس الجارحة التي فعلته ، فما أشبه ذلك بالصور التي تؤخذ اليوم لأصابع المجرمين وبصمات أيديهم وأرجلهم فى قلم تحقيق الشخصية للرجوع إليها إذا دعت الحاجة إلى ضبط أولئك المجرمين ، فما ينطبع إذ ذاك على اللسان واليد والرجل يكون كافيا جد الكفاية فى إثبات الجرم على أولئك المجرمين والطغاة الظالمين.
(يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) أي فى هذا اليوم يوفيهم الله جزاءهم على أعمالهم ، ويعلمون أن ما كانوا يوعدون به فى حياتهم الدنيا من العذاب هو الحق الذي لا شك فيه ، ويزول عنهم كل ريب كان قد ألمّ بهم فى الدار الأولى.
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : «اجتنبوا السبع الموبقات ، قيل وما هن يا رسول الله؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» رواه الشيخان.
قال صاحب الكشاف : ولو قلّبت القرآن كله وفتّشت عما أوعد به العصاة